توصلت دراسة حديثة أُجريت مؤخرًا أن حجم المدينة و بنيتها تؤثر على مدى انتشار وتوسع رقعة مرض الانفلونزا.
يصل مدى انتشار حالات الإصابة بالإنفلونزا إلى ذروتها في فصل الشتاء في الولايات المتحدة الأمريكية ، نظرًا لكون الهواء أكثر جفافًا. يساعد جفاف الهواء على بقاء فايروس الانفلونزا في الهواء لفترة أطول خصوصًا بعد العطس من شخص مُصاب. وهذا بدوره يسمح للفايروس بنقل العدوى للمزيد والمزيد من الأشخاص.
بعد عمل تحليل للبيانات واحصائية لحالات الانفلونزا- التي تم الابلاغ عنها – بين عامي 2002 – 2008 في 603 مدينة في الولايات المتحدة، وُجد الباحثون أن حجم المدينة و بنيتها يلعبان دورًا فعالًا في تشكيل وباء الانفلونزا. ففي المدن الكبيرة ذات التكدس السكاني الكبير والتي تعاني من الازدحام لُوحظ أن الانفلونزا كان ينتقل بشكل متراكم ثابت طوال موسم الانفلونزا.
كما ولاحظ باحثون في دراسة (Oct. 5 Science.) أن المدن الصغيرة والأقل ازدحمًا تكون فيها حالات الانفلونزا أكثر حدة في فصل الشتاء.
وقال الباحث المشارك في الدراسة وعالم الأحياء السكاني بنجامين دالزيل( Benjamin Dalziel) من جامعة ولاية أوريجون( Oregon University) في مؤتمر صحفي يوم 2 تشرين الأول / أكتوبر: “إن فهم كيف يؤثر حجم المدن وبنيتها على انتشار الأمراض قد يساعدنا على التنبؤ بالأوبئة ومكافحتها”.
ووجد دالزيل وفريقه المشارك، أنه في المدن الكبيرة المزدحمة يوجد هناك فرصة أكبر للفيروس للعثور على مضيفين جدد (العائل: الانسان) ، حتى وإن كانت ظروف الهواء غير مثالية لنقل الفيروس، لذلك تنتشر الإنفلونزا بصورة مطردة خلال الموسم ؛ حيث لا يحتاج الفيروس إلى انتظار الهواء الجاف في فصل الشتاء.
أما في المدن الصغيرة التي تقل فيها الازدحام ، تكون الظروف الجوية هي المحرك الرئيسي للحالات العدوى الجديدة ، مما يتسبب في ارتفاع نسبة العدوى بشكل مفاجئ في الشتاء. المدن التي يكون فيها تركيز الانفلونزا منتشر بشكل أكبر ترتفع فيها نسبة الحالات إلى الذروة. كانت في الجزء الشرقي من أمريكا ويعزى ذلك نظرًا للتقلبات في مستوى رطوبة الهواء فيها.
وكما أعلن مركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية (The U.S. Centers for Disease Control and Prevention أن عام 2017 – 18 قد أودى بحياة 80،000 ألف شخص (SN Online: 9/27/18).
هنالك مجموعة من العوامل التي تؤثر على انتقال الأنفلونزا في منطقة معينة ، بما في ذلك معدل الرطوبة ، والتغيرات الجينية التي تكتسبها فيروسات الأنفلونزا والطرق التي يتفاعل بها الأشخاص خلال حياتهم اليومية.
كما أن “الاختلاف نسبي في توقيت حدوث حالات الانفلونزا” حسب قول الباحثة المشاركة في الدراسة، فيبود (Cécile Viboud) من المعهد الوطني للصحة في ميريلاند في مؤتمر صحفي. ” المسألة لا تتعلق بكون بعض المدن أكثر أمنًا من غيرها، انما هذه الاختلافات في توقيت حدوث العدوى تعتبر مؤشرًا مهم لمراكز الرعاية الصحية في المدن الصغيرة ، والتي قد تصبح في حالة طوارئ عند التعامل مع حالات الانفلونزا”
أضاف الباحث في الأمراض المعدية جيفري شامان (Jeffrey Shaman) من جامعة كولمبيا ” الفكرة القائمة على أن بنية المدن و كيفية تفاعلها تؤثر على درجة انتقال العدوى خلال موسم الانفلونزا.. هذا بالتأكيد يحتاج للمزيد من الدراسات. لكن اذا امتلكنا القدرة على دراسة هذه الحالات وعلاقتها بالمدن.. بالتأكيد سنكون قادرين على معرفة سبب الانفلونزا. الأمر كذلك يتطلب جهود من الباحثين الآخرين المهتمين لفهم المزيد حول كيفية انتشار الانفلونزا بحيث يمكنهم من ايجاد سُبل لمنع انتقاله”
وقد كان لأكبر مدن الولايات المتحدة مواسم أقل كثافةً من مرض الانفلونزا ، مما يعني أن الحالات الجديدة لهذا المرض تنتشر أكثر ابتداءً من فصل الخريف امتدادًا إلى فصل الخريف ، بينما تميل مواسم انتشار هذا المرض أن تكون أقل كثافةً في المدن الصغرى و ترتفع هذه النسب في فصل الشتاء كما هو موضح في الرسم البياني أدناه .و بشكل عام فإن المدن الصغيرة ذات التقلبات الكبيرة في نسب الرطوبة بين موسم و آخر ترتبط بمواسم انفلونزا شديدة.