أصبح الفلكيين قاب قوسين أو أدنى من فهم طبيعة المادة المظلمة، والتي تعتبر أحد أكثر المواد غموضاً في الكون، حيث يعمد العلماء إلى استخدام التلسكوبات ذات الطاقة العالية، لدراسة قوة الجاذبية لمجموعة كبيرة جداً من المجرات والتي ترتبط مع بعضها البعض بواسطة الجاذبية، والتي تسمى باسم (عناقيد المجرات).
يعتقد الفلكيون أن المادة المظلمة تشكّل جزء كبيراً من الكون حولنا، إلا أن هذه المادة لا يمكن اكتشافها كونها غير مرئية ولا تصدر أية اشعاعات أو موجات راديوية، ومع ذلك فإن العلماء واثقين من وجودها نتيجة لتأثير الجاذبية الذي تفرضه على النجوم والمجرات.
قام علماء الفلك في ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية (ESA) باستخدام التلسكوبات المحمولة في الفضاء، للتثبت بأن المجرات والغازات الساخنة تشكّل فقط 20% من مساحة عناقيد المجرات، أما المساحة المتبقية فإنها تمتلئ بالمادة المظلمة.
وتقول المؤلفة الرئيسية للدراسة الدكتورة (إسراء بلبل) من مركز هارفارد سميثونيان للفيزياء الفلكية في كامبريدج، بأن الغازات الساخنة الموجودة في عناقيد المجرات هي في الغالب الهيدروجين، وهذه يمكن رصدها من خلال الأشعة السينية التي تصدرها والتي يتم التقاطها من خلال التلسكوبات، كما أنه يمكن رصد المواد الأخرى العائمة في كتلة المجرة من خلال الأشعة السينية التي تصدرها أيضاً، حيث أن كل مادة لها طول موجة مختلف.
مؤخراً، رصد فريق من الفلكيين أشعة سينية تمتاز بطول موجي فريد، حيث لم يسبق لهم رصد شيء مشابه مسبقاً، لذا كان لزاماً عليهم أن يبحثوا عن تفسير هذه الموجات فيما وراء عالم المادة العادية المعروفة، وتعتقد الدكتورة (بلبل) وفريقها أن الأشعة السينية الغريبة، صدرت بسبب تدهور جسيم ذري فريد من نوعه يسمى بـ(نيوترينو)، وهذا الجسيم هو جسيم أولي ذو كتلة صغيرة جداً ولا يحتوي على أي شحنة كهربية، وهو يشبه المادة المظلمة، كون العلماء لم يستطيعوا رصده ، ولكنهم متأكدين من وجوده كونه يتفاعل مع المادة من خلال الجاذبية.
أخيراً، فإن العلماء يقرون بأنهم بحاجة إلى المزيد من الرصد والدراسة قبل أن يتثبتوا بأن النيوترينو هو الذي أصدر الأشعة السينية الغريبة، وفي حال تم التأكد من صحة الصلة ما بين الأشعة والنيوترينو، عندها يمكن القول بأن المادة المظلمة تتكون بجزء منها من النيوترينو.