يسعى العديد من الأفراد من خلال مواقع التواصل الاجتماعي إلى الهروب من الواقع الذي يمثل نقطة ضعف لديهم إلى واقع افتراضي يسقطون فيه جل رغباته ونقائصهم لتنطمس تحت غطاء خيالي يشعرهم بالاحتواء و الثقة وتقدير الذات لتقود البعض إلى حالات مرضية تجعلهم حبيسة ذلك العالم الافتراضي رفضا بذلك مسايرة العالم الواقعي لديهم الذي بات يشعرهم بالحزن والقهر وعدم الرضى.
يشير كل من (شابونية، وعطوم، 2019: 157) أن أغلب مستخدمي العالم الافتراضي يعيشون بين واقع افتراضي وواقع حقيقي أي بين هويتين، الهوية الحقيقية والتي تمثل الصورة الحقيقية للشخص والمعروف بها مجتمعيا، وهوية افتراضية يعرف بها في المجتمع الافتراضي وتمثل الصورة المنشأة من طرف الشخص والذي يعمل كصلة وصل بين الشخص الطبيعي والشخص الظاهري.
هذا وقد يتمثل الشخص الصورة الحقيقية الواقعية له في العالم الافتراضي بينما يسعى أغلبهم إلى تمثل هوية افتراضية كقناع يسقط فيه الشخصية المثالية التي عجز عن تمثلها في عالمه الحقيقي لأسباب عديدة منها ما هو مرتبط بالحياة الشخصية، ومنها ما هو مرتبط بالثقافة والعادات والتقاليد، ليحقق في الأخير توازن نفسي نسبي، فقد أشار (بنجدي، 2020: 19) “أن العالم الافتراضي ملاذ لكل الفارين من قهرية الرقابة الاجتماعية وسلطانها، ومتنفسا لتصريف المقموع والممنوع الجنسي العاطفي”.
من هنا يمكن القول أن التوجه إلى العلاقات الافتراضي غير مقيد بعامل واحد محدد ولكن النتيجة تكمن في وجود راحة نفسية وتوازن يسعى الإنسان إلى تحقيقه من خلال تلك العلاقات الافتراضية، وباعتبار أن الفرد ذات اجتماعية يسعى من خلال انخراطه في الجماعة إلى تحقيق أهداف شخصية وعامة بغض النظر ما إذا كانت الجماعة حقيقية أو افتراضية، فما المقصود بالمجتمع الافتراضي، والعلاقات الافتراضية، وما هي السلبيات التي تنعكس على نفسية الفرد وهل يوجد ايجابيات لذلك؟
المجتمع الافتراضي:
عبارة عن شبكة للتفاعلات والتبادلات الاجتماعية، يتم من خلالها تحديد الأدوار والهويات عبر وسائل التواصل الاجتماعي (بنجدي، 2020: 24).
مفهوم العلاقة الافتراضية:
هي تكوين الروابط إنسانية بين أشخاص مجهولين لأغراض و أهداف متنوعة و متعددة منها ما هو مرتبط بتفريغ غرائز وشهوات جنسية و منها ما هو مرتبط برغبة في التفاعل والاندماج للتخفيف من الشعور بالدونية والإحساس بقيمة الذات والحصول على مكانة وقد تأخذ هذه الأخيرة طابع خيالي غير واقعي ومع اقتناع الشخص في حد ذاته بعدم واقعية هذا الأمر، كما قد تأخذ طابعا واقعيا يتعامل الشخص فيها وفقا لشخصيته وهويته الحقيقية.
أسباب الميل إلى تكوين علاقات افتراضية:
- الهروب من واقع أليم يعيشه الشخص
- الميل إلى الجماعة بحثا عن الأمن والأمان
- الإحساس بالدونية وعدم تقدير الذات في العالم الواقعي
- عدم القدرة على تكوين علاقات واقعية
- سيطرة العادات والتقاليد علي الفكر
- الإحساس بالمتعة
- الحصول على مكانة بالرغم من كونها افتراضية
- المعانات من مشاكل نفسية
هذا وقد أكدن نتائج الدراسة التجريبية ل(منال عبد الخالق، 2022: 10) أن 20% من أفراد المجتمع يقيمون علاقات افتراضية لإشباع حاجات اجتماعية مفقودة عند الأسرة والأقرباء، كما قد يلجأ الأفراد إلى العلاقات الافتراضية نتيجة إلى إشباع الحاجات المفقودة عند أصدقائهم وذلك بنسبة 12,3% ، بينما يتجه أفراد آخرون إلى إشباع حاجاتهم العاطفية وكان ذلك بنسبة 16,6% ، كما أشارت نسبة 8,3% إلى اتجاه البعض إلى إشباع حاجات مفقودة عند زملاء العمل، لتبقى نسبة 2,6 لأسباب أخرى لإقامة علاقات افتراضية.
سلبياتها: وهنا نقصد العلاقات الافتراضية في استخداماتها السلبية
- عدم القدرة على مجاراة الحياة الاجتماعية وتحقيق نجاحات في حياتهم.
- الانغلاق حول الذات.
- الدخول في الإدمان واضطرابات نفسية.
- الإحساس النسبي بالسعادة لإدراك الشخص أنها علاقات غير حقيقية ومؤقتة.
- تكوين نظرة سلبية حول العالم الواقعي
- الإحساس بتأنيب الضمير وتحقير الذات
أما من حيث الايجابيات فتذكر(منال عبد الخالق، 2022) أنها تسهم في ثورة معرفية ايجابية مثلها مثل توازن العلم وتطوراته التي تغير وجه الحياة الإنسانية.
قائمة المراجع:
- منال عبد الخالق جاب الله (2022)، العلاقات الافتراضية(الرقمية)، جامعة بنها، العدد 99 ج1
- بنجدي محمد (2020)، العلاقات الجنسية والعاطفية في العالم الافتراضي: دراسة سوسيولوجية، مطبعة الاقتصاد-أكادير-
- شابونية زهية، ووسام عطوم(2019)، الشباب ما بين الواقع والمجتمع الافتراضي، مجلة دراسات اقتصادية، العدد 38