لقد ساعدتنا التكنولوجيا الحديثة والطب الحديث كثيراً في السنوات المائة الأخيرة، حيث أصبحت العديد من الأمراض التي كانت تعتبر بأنها مهددة للحياة قابلة للعلاج، كما تحسنت صحة النساء كثيراً كذلك، ولكن في الواقع، ووفقاً للعلماء، فإن الولادة القيصرية أصبحت تؤثر على تطور البشرية.
بفضل الطب الحديث وتقنيات الولادة الحديثة أصبحت النساء اللواتي قد لا يكن مؤهلات لاجتياز مرحلة الحمل بنجاح في الأيام الخوالي، يحتفلن بأطفالهن الجدد بصحة وسعادة، وعلى الرغم من أن هذه النظرة قد تبدو قاتمة بعض الشيء، ولكن العديد من النساء لم يكن قادرات على النجاة من الولادة قبل مائة سنة، إلّا أن النساء اليوم يحصلن على كل المساعدة الطبية التي يحتجن إليها، ويكونّ أسراً جميلة يمررن جيناتهن ضمنها، مما يغيير جينات البشرية.
في الأيام السابقة، كانت معظم النساء اللواتي يمتلكن منطقة حوضية ضيقة يجدن صعوبة في الولادة، وذلك لأن قناة الولادة لا تتسع لمرور الطفل عبرها.
اليوم، أصبح بالإمكان حل هذه المشكلة عن طريق الجراحة، ولكن حلها جعل منها أمراً أكثر شيوعاً، مما جعل الأطباء يتساءلون عن السبب، ففي عام 1960، كانت نسبة النساء اللواتي يعانين من مشكلة الحوض الضيق لا تتجاوز الـ3%، غير أن هذه النسبة زادت اليوم، لتصل إلى 3.6%.
بحسب الدكتور (فيليب ميليروسير) من قسم علم الأحياء النظرية في جامعة فيينا، فبدون وجود التدخل الطبي الحديث لكانت مثل هذه المشاكل فتاكة في معظم الأحيان وذلك من وجهة نظر تطورية، واختيارية، حيث أن النساء اللواتي يمتلكن حوضاً ضيقاً جداً لن يكن لينجحن في اجتياز مرحلة الولادة قبل 100 سنة، ولكنهن يفعلن ذلك الآن ويمررن جيناتهن التي تحمل صفات الحوض الضيق لبناتهن.
نحن لا نريد حقاً أن نعود بالوقت إلى المرحلة التي كانت فيها النساء يتوفين بسبب الولادة، ولكن الأمر المثير للاهتمام هو أن يستطيع حل جراحي بسيط أن يجعل جينات الأحواض الصغيرة أكثر شيوعاً الآن مما كانت عليه سابقاً.
يشير العلماء أنه على الرغم من أهمية هذا الموضوع، فليس علينا أن نقلق من أن يصبح الإتجاه نحو العمليات القيصرية خارجاً عن السيطرة.
يعترف الدكتور (ميليروسير) بأن الاتجاه نحو القيام بالمزيد من العمليات القيصرية قد يستمر، لكنه لا يعتقد بأننا سوف نصل إلى نقطة حيث يصبح فيها غالبية الأطفال يولدون عن طريق العملية القيصرية، كما ويشير الدكتور (ميليروسير) أيضاً بأن هناك إحصاءات حمل يمكن أن تسبب المزيد من القلق حول التغير التطوري، كما أن الزيادة في معدلات البدانة والزيادة في عدد الأمهات المصابات بداء السكري يمكن أن يسبب قلقاً من وجهة النظر التطورية.
أخيراً، وعلى الرغم من أنه من المفاجئ أن نعرف كيف يمكن لمقدار ضئيل من التغيرات أن يؤثر على البشرية جمعاء، فنحن ممتنون للعلم الحديث لأنه جعل الولادة أقل خطراً بكثير عما كانت عليه من قبل.