أعلنت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في الصين (NDRC) أن البلاد ستستثمر في مشاريع كبرى للطاقة المتجددة، بما في ذلك تطوير مزارع رياح بحرية جديدة وقواعد طاقة نظيفة واسعة النطاق تجمع بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
هذه الخطوة هي الأحدث في سلسلة جهود الصين، التي تعد رائدة في مجال الطاقة المتجددة وأكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، لتعزيز التحول نحو الطاقة الخضراء.
يقول الخبراء إن هيمنة الصين في مجال الطاقة المتجددة كانت نتيجة جهود طويلة الأمد. تقول جوانا لويس، مديرة برنامج العلوم والتكنولوجيا والشؤون الدولية في جامعة جورجتاون: “تم تحديد العديد من صناعات الطاقة النظيفة من قبل الحكومة قبل عدة عقود كصناعات استراتيجية، حيث أرادت الصين الاستثمار فيها وتصبح القائد العالمي. لقد كان هذا جهدًا استراتيجيًا طويل الأمد من قبل الحكومة لوضع سياسات تعزز نشر الطاقة المتجددة محليًا داخل الصين، وبناء القدرة الصناعية لتصنيع هذه التقنيات أيضًا.”
ما هو هدف الصين المناخي؟
في عام 2020، أعلنت الصين أنها ستصل إلى ذروة انبعاثات الكربون بحلول عام 2030 وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2060. ومنذ ذلك الحين، حققت البلاد تقدمًا كبيرًا في تبني الطاقة النظيفة. في العام نفسه، تعهدت الحكومة الصينية بمضاعفة قدرتها في مجال الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، لكنها تمكنت من تحقيق هذا الهدف قبل ست سنوات من الموعد المحدد. وفي عام 2024، قادت الصين العالم في استثمارات التحول الطاقة، حيث شكلت ثلثي إجمالي 2.1 تريليون دولار تم إنفاقها عالميًا على كل شيء من شبكات الكهرباء إلى النقل الكهربائي، وفقًا لـ BloombergNEF.
تنتج الصين حاليًا 31% من كهربائها من مصادر متجددة تشمل الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية والطاقة الحرارية الأرضية. وعلى الرغم من أن البلاد لا تزال تعتمد بشكل كبير على الفحم، تشير التقديرات إلى أن الطاقة الشمسية ستتفوق على الوقود الأحفوري بحلول عام 2026 لتصبح المصدر الرئيسي للطاقة في الصين.
كما تعمل الصين على توسيع نفوذها ومساعدة دول أخرى في تبني الطاقة الخضراء، لا سيما من خلال تحويل مبادرة الحزام والطريق، وهي مشروع عالمي لتطوير البنية التحتية، لتركز على الطاقة النظيفة والبنية التحتية الخضراء في الدول النامية. تقول سامانثا غروس، مديرة مبادرة أمن الطاقة والمناخ في معهد بروكينغز: “الصين تريد توريد سلع الطاقة الخضراء للعالم. لم يكن الدفع من قبل الحكومة الصينية لدعم وتربية صناعات الطاقة الخضراء فقط لخدمة السوق المحلية، بل لخدمة السوق العالمية أيضًا.”
زادت صادرات الصين من منتجات الطاقة المتجددة بنسبة 35% من عام 2019 إلى عام 2023، وبلغت حصة صانعي بطاريات السيارات الكهربائية الصينيين 60% من السوق العالمية في عام 2023 وحده.
لماذا لا تزال الصين تبني محطات فحم جديدة؟
على الرغم من التحول الأخضر، لا تزال الصين تعتمد بشكل كبير على الفحم، وهو أكبر مصدر منفرد لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري لكل وحدة طاقة. إلى جانب استثمارات الطاقة الخضراء القياسية العام الماضي، وصل بناء محطات الفحم في الصين إلى أعلى مستوى له منذ 10 سنوات في عام 2024، حيث وافقت على بناء 66.7 جيجاوات من قدرات الفحم الجديدة. (الجيجاوات الواحد يعادل محطة فحم كبيرة.) تقول غروس: “تستخدم الصين الفحم لتوليد الكثير من كهربائها لأن هذا ما لديها”، مشيرة إلى أن الوقود الأحفوري يساعد في ضمان أمن الطاقة في البلاد مع تزايد الطلب.
كما أن صناعة الفحم تشكل مركزًا اقتصاديًا رئيسيًا في العديد من المقاطعات الصينية، مما يشكل تحدياً لأهداف البلاد البيئية. تقول لويس: “هناك صراع داخلي حيث إن لدى الصين أهدافًا مناخية قريبة تحتاج إلى تحقيقها في السنوات القليلة المقبلة. ولتحقيق هذه الأهداف، ستحتاج إلى أن يتفوق نمو الطاقة المتجددة على نمو الوقود الأحفوري، بل ستحتاج إلى انخفاض دور الوقود الأحفوري في نظام الطاقة الصيني.”
في وقت سابق من هذا العام، دعا سفير الاتحاد الأوروبي في الصين البلاد إلى التوقف عن بناء محطات الفحم، ولكن ما إذا كانت الصين قادرة على إجراء هذا التحول يبقى أمرًا غير مؤكد. وعلى الرغم من الاستثمارات الضخمة في الطاقة النظيفة، شهدت انبعاثات الصين زيادة بنسبة 0.8% في عام 2024.
كيف تقارن إجراءات الصين المناخية بغيرها من الدول؟
في الولايات المتحدة، ساعدت جهود الصين في مجال الطاقة الخضراء في تشكيل قانون خفض التضخم (IRA) في عهد بايدن، وهو سياسة صناعية خضراء بقيمة 400 مليار دولار تهدف إلى تعزيز إنتاج الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة. تقول غروس: “لقد أنفقت الصين الكثير من الأموال لدعم صناعة السيارات الكهربائية والبطاريات والألواح الشمسية، وأصبحت نتيجة لذلك قائدة عالمية في هذه الصناعات. كان قانون خفض التضخم محاولة من الكونغرس وإدارة بايدن للتنافس مع ذلك.” (مستقبل قانون خفض التضخم غير مؤكد حاليًا بعد أن وقع الرئيس ترامب أمرًا تنفيذيًا في يومه الأول في المكتب البيضاوي بتجميد تمويل البرنامج.)
على الرغم من أن الصين تتفوق على جميع الدول الأخرى في استثمارات الطاقة الخضراء، فإن اعتمادها المستمر على الفحم واستثماراتها فيه يعني أن هذا لم يترجم بعد إلى انخفاض في الانبعاثات. بينما تقول مساهمة الصين المحددة وطنيًا بموجب اتفاقية باريس — التي تضع خطة البلاد لتحقيق أهداف باريس — إن الصين ستصل إلى “ذروة” الانبعاثات بحلول عام 2030، إلا أنها لا تحدد سقفًا محددًا. بالمقارنة، بدأت بعض الدول، بما في ذلك غالبية دول الاتحاد الأوروبي، في رؤية انبعاثاتها تنخفض. تقول لويس: “الذروة تعني أن الانبعاثات ستتوقف عن الارتفاع، لكنها لا تحدد المستوى الذي ستتوقف عنده.”
نظرًا لأن الصين هي أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، فإن التزامها الثابت بتثبيت ثم خفض الانبعاثات هو الطريقة الوحيدة التي يمكن للعالم من خلالها تحقيق الأهداف المناخية العالمية. تقول لويس: “إذا كانت الذروة عالية جدًا، فسيكون من الصعب على العالم الحد من الانبعاثات إلى مستوى يحافظ على الاحترار عند 1.5 درجة أو حتى درجتين مئويتين. نحن لا نرى علامات كافية — حتى مع التوسع المثير للإعجاب في الطاقة المتجددة — على أن الصين تسير على هذا المسار بسرعة كافية.”