بعض النجوم التي تلتهم الكواكب التي تدور حولها، تخلق بصمة كيميائية فريدة من نوعها قد تساعد علماء الفلك في بحثهم عن كواكب شبيهة بالأرض.
على الرغم من أن شمسنا هي عبارة عن مرجل مشتعل من الغازات و المعادن و الإشعاعات والتفاعلات النووية، إلا أنها لا تزال لطيفة نوعاً ما، فحتى الآن لم تقم بالتهام كوكب الأرض مثلاً، على خلاف بعض النجوم الأخرى التي تتغذى على ما يحيط بها من كواكب.
قام (تري ماك)، وهو طالب دراسات عليا في علم الفلك في جامعة فاندربيلت، بمراقبة نجمين من الفئة G(الصفراء) المشابهين لشمسنا، وحدّد ما يحدث لهما عندما يقومان بالتهام كواكب صخرية مثل كوكب الأرض، ويعتقد (ماك) أنه بفك ترميز التركيبة الكيميائية لهذه النجوم، يمكننا أن نحدد المنظومات الشمسية التي يمكن أن تحتوي على كواكب شبيهة بالأرض بطريقة أكثر سهولة.
ويشير (ماك) أنه عندما تبدي إحدى الشموس دلائل على التهامها لأحد الكواكب، سيكون من السهل علينا استنتاج أن منظومتها الكوكبية تختلف تماماً عن منظومتنا، وأنها على الأرجح تفتقد لكواكب صخرية داخلية، أما إذا وجدنا شمساً لا تبدي تلك البصمة، فعندها سنعرف أنها من الممكن أن تكون مرشّحاً جيداً لاستضافة منظومة كوكبية مماثلة لمنظومتنا.
وعلى الرغم من أن الشموس تبدو هي المسؤولة عن التهام الكواكب, كونها تقوم بامتصاص وتبخير الكواكب التي تدور حولها, إلا أن المسبب الحقيقي لإرسال الكواكب إلى التهلكة هي في الحقيقة كواكب أخرى، فإذا تخيلنا أن الشمس قامت بتشكيل كوكب صخري مثل الأرض, وتخيلنا أيضاً أنها قامت بتشكيل كوكب غازي مثل المشتري, فإن الكواكب الصخرية ستكون أقرب إلى الشمس حيث تكون درجة الحرارة مرتفعة, أما الكواكب الغازية العملاقة ستكون في القسم البعيد من المنظومة الكوكبية حيث تكون الحرارة منخفضة, ولكن بمجرد تشكّل الكواكب الغازية العملاقة بشكل تام، فإنها ستبدأ بالتحرك إلى داخل المنظومة, وأثناء قيامها بذلك تبدأ جاذبيتها بسحب و جر الكواكب الصخرية الداخلية, وبكمية مناسبة من السحب و الجر, تستطيع الكواكب الغازية العملاقة إجبار الكواكب الصخرية بسهولة على الدخول إلى الشمس, وبدخول ما يكفي من الكواكب الصخرية إلى داخل الشمس, ستقوم هذه الكوكب بوضع بصمة كيميائية معينة على الشمس، ونحن كمراقبين يمكننا الكشف عن هذه البصمة.
لمعرفة ما هي هذه البصمة تحديداً، وكيف يمكن أن تتأثر تركيبة النجوم (الشموس) بالتهام الكواكب بشكل منتظم، قام (ماك) بمساعدة زميل له وبإشراف أحد الأساتذة، بفحص التركيبة الكيميائية لزوج من الشموس تعرف باسمHD20781) ) و(HD20782) , معتمدين بذلك على تقنية التحليل الطيفي، التي تقوم بتحويل التركيبة الكيميائية للنجوم إلى نطاقات لونية.
كشفت الدراسة أن الشمسين تحتويان على مستويات مرتفعة من عناصر مثل الألومنيوم والسيليكون والكالسيوم، والحديد, وهي عناصر تدخل في تركيب الكواكب الشبيهة بالأرض, وهذا الاكتشاف قاد الفريق لاستنتاج أن إحدى هاتين الشمسين قد ابتلعت ما لا يقل عن عشرة كواكب يماثل حجمها حجم الأرض, بينما ابتلعت الأخرى ما لا يقل عن 20 من تلك الكواكب.
في الحقيقة، إذا ما ثبتت صحة النتائج التي توصل إليها هذا التحليل الكيميائي بالنسبة لنظم شمسية أخرى في المجرة، فإن هذا الاكتشاف سيوفر للباحثين طريقة أكثر سهولة ودقة للتنبؤ بالشموس التي يمكن أن تحتوي على كواكب شبيهة بالأرض في مدارها, وتفرقتها عن تلك التي استحوذت على كل الكواكب التي تدور حولها, ومن البديهي أن الشموس التي تبدي أدلة كيميائية على ابتلاعها للكواكب هي أماكن مستبعدة للبحث فيها عن عوالم شبيهة بالأرض.
أخيراً, فإن الأستاذ المشرف على الدراسة (كيفن ستاسون) يعتقد بأن هذا العمل يمكن أن يغير من طريقة نظر الفلكيين إلى السماء للبحث عن كواكب خارجية شبيهة بالأرض, و بحسب قوله فإن هذا العمل يكشف أن السؤال عمّا إذا كانت الشموس تشكل الكواكب و كيف يتم تشكيلها, هو في الواقع سؤال خاطئ, وفيما يبدو أن السؤال الحقيقي هو كم عدد الكواكب التي تقوم الشموس بتشكيلها, والتي تنجو من مصير الالتهام من قبل الشمس المضيفة لها.