أصبح الذكاء الاصطناعي من أبرز التقنيات التي توصل لها العلم الحديث لما له من قدرات هائلة في تأدية المهام المعقدة التي كانت تتطلب في الماضي تدخلات بشرية تستهلك الوقت والموارد بنتائج أقل كفاءة مما عليه الوضع حاليا.
وشهد الذكاء الاصطناعي قفزة كبيرة في السنوات الأخيرة، مع تنامي الحاجة له لتقديم حلول للتحديات التي تواجهها البشرية، ومع الجائحة التي أصابت العالم بانتشار فيروس كورونا، توجهت الأنظار لما ستوفره تقنيات هذا الذكاء من حلول لهذه المعضلة.
فيما يلي تقدّم شبكة الصحفيين الدوليين مجموعة من المبادرات الرائدة التي أطلقت مشاريع تستخدم تقنيات الذكاء الإصطناعي المختلفة مثل علوم البيانات أو “التعلم الآلي” و”البيانات الضخمة” لمواجهة الجائحة:
بفضل الذكاء الإصطناعي، شركة ناشئة كندية ترصد انتشار فيروس كورونا قبل أن يعلم الجميع به
قبل تفشي فيروس كورونا COVID-19 بالشكل الحالي كانت Blue Dot من أولى الشركات الناشئة في العالم التي اعتمدت تقنيات الذكاء الصناعي في رصد تفشي الفيروس، حيث قبل وقت طويل من معرفة سكان العالم حقا لطبيعة الفيروس وإمكانية تحوله لجائحة عالمية، وبعد ساعات فقط من تشخيص الحالات الأولى للمرض من قبل السلطات المحلية بمدينة ووهان بالصين. أكد فريق Blue Dot أن هذا المرض من المرجح جدا أن يتحول إلى وباء، وذلك باعتماد تقنيات التعلم الآلي وخورازميات تتبعت انتشار المرض، ساهمت في فهم سلوك الفيروس وطريقة انتشاره، حيث قامت خورازميات بتتبع التقارير الإخبارية وتجميعها، مع التركيز على شبكات الأمراض الحيوانية والنباتية السابقة وتحليلها آليا، وبفضل الإمكانيات المتطورة للشركة الكندية المتخصصة في مجال الذكاء الصناعي فقد سبقت في تنبؤاتها الإعلانات الصادرة عن المنظمات الصحية الصينية والدولية بخصوص طبيعة الفيروس، وأصدرت تقارير توقعت فيها “Blue Dot” بشكل صحيح إمكانية انتقال فيروس كورونا من الصين إلى دول جنوب شرق آسيا مثل اليابان، وكوريا الجنوبية، وتايلند، بناء على تحليل بيانات تذاكر الطيران المنطلقة من مدينة ووهان التي تم بيعها خلال فترة ظهور الفيروس، وهو ما جعل الشركة توفر إنذارا مبكرا في كانون الثاني/يناير الماضي حول مسارات انتشار الفيروس، أي قبل انتشاره في أوروبا.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تساعد فيها تقنيات الذكاء الصناعي التي تتوفر عليها الشركة في التنبؤ بالأوبئة حيث سبق لها سنة 2016 ان قدمت معطيات مهمة حول وباء زيكا ساهمت بها في توفير حلول للإحاطة بالمرض وتحجيم انتشاره. إذ تعتمد الشركة في تكوين هذه المعطيات على مجموعة من الخبراء في أنظمة لها علاقة مباشرة بتطور الأمراض المعدية وطرق انتشارها منها علوم البيانات، وعلم الجغرافيا، وعلم الأمراض المعدية، والصحة العامة وغيرهم. ويعمل خبراء الشركة بشكل تعاوني ومتكامل انطلاقا من تجميع وفلترة البيانات وتحليلها وتقديمها لعلماء الأوبئة للتحقق من مدى منطقية استنتاجاتهم من وجهة نظر علمية، إلى صياغة تقارير تقدم إلى صناع القرار بالحكومات وقطاع الأعمال والصحة من أجل اتخاد القرارات المناسبة.
التجارب العربية في استخدام الذكاء الإصطناعي لمواجهة كورونا
بعد انتقال فيروس كورونا للعالم العربي، سخرت دول عربية عديدة قدراتها في مجال الذكاء الصناعي لمواجهة تفشيه، ففي دولة قطر تعمل الحكومة مع معهد قطر لبحوث الحوسبة على تطبيق نظام للرصد التشخيصي يعتمد على تحليل بيانات الكاميرات في الأماكن العامة لمراقبة التزام الأفراد بالتدابير الوقائية مثل ارتداء الكمامات وتطبيق إجراءات التباعد الإجتماعي.
وتعتمد الحكومة القطرية على نظام Hopkins data المتصل بقاعدة بيانات وزارة الصحة التي تستخدم خدمات الحوسبة وتحديد الموقع الجغرافي للمساعدة في تشخيص وتتبع حالات الإصابة بفيروس Covid-19، ولا تعتمد قطر على الذكاء الصناعي فقط في تحليل البيانات الضخمة، بل كذلك يتم استخدامها في خدمات التصنيع والتعقيم والتطبيب حيث تستخدم تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد لتصنيع الأقنعة الواقية وتعقيم المستشفيات.
أما تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة فتعتبر من التجارب الرائدة في العالم العربي حيث ساعدها في ذلك تمركز العديد من الشركات الناشئة في مجال الذكاء الصناعي بدبي والمدن الأخرى، التي ركزت جهودها في مواجهة الوباء الكاسح، ومن بينها شركة Nabta Health للرعاية الصحية النسائية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي التطبيقي وأدوات Blockchain في تشخيص الوضع الوبائي لتقديم تقييمات للمخاطر مع اقتراح حلول للحكومة من أجل المساعدة في التخفيف من آثار الوباء وتضييق دائرة اتساعه.
وتتركز في الإمارات أيضا شركة (DERQ)، المختصة في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي والحاصلة على براءة اختراع من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، عن تعاونها مع واحة دبي للسيليكون في توظيف تقنياتها لتوفير حلول لمواجهة تفشي الفيروس باعتمادها كذك على أنظمة المراقبة لتتبع تعاون الأفراد مع جهود الحكومة والتقيد بالتداببر الصحية الموصى بها.
أما المغرب فقد اعتمد على الذكاء الصناعي في تطوير تطبيق للأجهزة الذكية يعتمد على تحليل البيانات الضخمة للإشعار باحتمال التعرض لعدوى الفيروس. تطبيق “وقايتنا” الذي يمكن من تنبيه مستعمليه في حالة ما إذا كانوا على تقارب جسدي وثيق لمدة معينة مع مستعمل آخر لنفس التطبيق تم تأكيد إصابته بمرض كوفيد-19 في غضون 21 يوما، وقد بلغ عدد مستخدمي التطبيق منذ إطلاقه أزيد من مليوني مستخدم، مما سهل بشكل كبير في تجميع المعطيات وإغناء قواعد البيانات بالمعلومات التي أسهمت في تحديد العديد من حالات المخالطين لحاملي الفيروس عن طريق التطبيق فقط، وهو ما يسهل عمل المصالح المختصة بإبلاغ المخالطين بضرورة الحجر المنزلي الفوري حتى تتمكن من الوصول لهم قبل أن يقوموا بنقل العدوى لأشخاص آخرين.
التطبيق هو نتاج تعاون بين فرق متعددة التخصصات تنتمي لوزارة الصحة المغربية ووزارة الداخلية، بتعاون مع الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات ووكالة التنمية الرقمية، وبمساهمة تطوعية لمقاولات وشركات مغربية خبيرة في مجال Big Data.
هذا المقال نقلا عن موقع شبكة الصحفيين الدوليين