مالمصير الذي ستواجهه البيئة، الحيوان والإنسان مع مادة البلاستيك؟
تواجه البيئة والمخلوقات الحية بأكملها أبشع انواع الدمار الحتميّ الذي لا عودة في إصلاحه إذا استمرت البشرية على نفس نهجها.
مع تطور الإنسان على مر العصور، ومع إنجازاته التي حققها في شتى العلوم، البعض منها أحدث الكثير من المنافع بجانب الأضرار الكبيرة المخفية، فهنالك الكثير من الأضرار التي أثرت في البيئة والمخلوقات على حد سواء .
يعد البلاستيك أكثر المواد انتشاراً، والذِي صُنع على يد الإنسان، حيث يتكون من بوليمرات ( مشتقات البترول ) ذات جزيئات كبيرة، يعتبر اكتشاف وتصميم هذه البوليمرات نقلة نوعية ونصراً وانجازاً بحد ذاته، فله منافع قيّمه ولكن بالجهة المقابلة له أضرار وخِيمة مع مرور الوقت، حيث تكمن المشكلة في كونِه صعب التحلل فيحتاج لسنوات عديدة، بالرغم من احتواءه على مادة البولي إيثيلين لكنه لا يتحلل من ذاته بل يتطلب تعرّضه للأشعة فوق البنفسجية.
يستخدم الانسان مادة البلاستيك بشكل يومي في مختلف الأشكال، كعُلب المياه والمشروبات، و الأكياس البلاستيكية وحوافظ الطعام، حتى الهواتف المحمولة والدراجات وغيرها من الأدوات والمعدّات التِي تحتاج إلى بلاستيك عند تصنيعها، وعند الانتهاء من استخدامها نقوم بالتخلص منها في مكب النفايات، يعتقد معظم الناس أنه هنا تنتهي مرحلة إستخدامها، ولكن من هذه النقطة تبدأ أضرار هذه المواد البلاستيكية على البيئة.
يتم التخلص من هذه المواد او المخلّفات البلاستيكية بعدة طرق :
١- التخلص منها في محرق مخلفات ضخم يسبب انبعاث كمية كبيرة من الدخان الملوث.
٢- التخلص منها في أقرب مصرف مائي، فتنتقل من خلالها للبحار والمحيطات.
اعتقد كثير من الأشخاص لفترة طويلة أن البحار والمحيطات ذي مساحة كبيرة لدرجة استيعابها جميع مخلفات البشر، مما أدى
لتكدّس كبير سبّب عدة أضرار بيئية للكائنات الحية و حتى موتها.
و لمادة البلاستيك تأثير سيّء على البيئة أقرب ما يكون إلى عامل تهديد مستمر، حيث أشارت دراسة لعلماء في جامعتي جورجيا وكاليفورنيا الأمريكيتين أن البيئة البحرية تحتوي على مايقارب ٣٠٠ مليون طن تقريبا من المخلّفات البلاستيكية الغير القابلة للتحلل، حيث يلقِي الاِنسان بعشرين ألف عبوة بلاستيك تقريباً كل ثانية مباشرة للبيئة البحرية، وقرابة عشرة ملايين طن من البلاستيك سنوياً، وبحلول عام ٢٠٥٠ سيفوق تكدّس مادة البلاستيك في المحيطات والبحار وزن ما تحويه من أسماك، أي ستفقد البيئة البحرية الكثير من كائناته امّا اختناقاً أو تسمماً بها أو حتى تراكم هذه النفايات في أعضائها الداخلية.
عاماً يتلو الآخر، ستختل النظم البيئية وسيتسبّب بإنقراض عدد فصائل حيوانية من مختلف انحاء العالم، وسيصبح عالمنا ملوثاً ببقع مخلفات بلاستيكية تسبح في أنحاء محيطات العالم بالكامل.
لماذا نعرّض حياتنا وحياة جميع المخلوقات لهذا الخطر المدمّر؟
ما أقصده من مدمّر أنه هنالك الكثير من الحيوانات فقدت حياتها اِثر تناولها لهذه المخلفات، فتخيل نفسك تواجه ما واجهته هذه المخلوقات التي تدفع ثمن ما اقترفناه، تخيل اكلك المستمر لمخلفات بلاستيكية وتضورك جوعاً حتى الموت، فملايين الحيوانات هذا حالها مع الأسف، حيث أظهر بحث جديد لفريق من العلماء بمنظمة “الكومنولث” للبحوث العلمية والصناعية في هوبارت، تسمانيا، أن البلاستيك يقتل 40% من السلاحف البحرية الصغيرة ، والسلاحف البرية فنسبة موتها بسبب تناولها لهذه المخلفات البلاستيكية هي ٤٢٪، مما سبب تراجع كبير في اعدادها التي تعلب دوراً مهماً في النظام البيئي العالمي، بالتالي فإن السلاحف البحرية و البرية إما مهددة بالانقراض أو تواجه هذا الخطر الذي صنعناه، في واجهةٍ اخرى، يبلتع الجمبري الصغير المسكين أنواع كثيرة من هذه المخلفات، بينما هنالك أسماك السيلكانث التي تعد من مستحاثات الأسماك كونه عاش من العصر الحجري التي نجت من الانقراض، ومع الأسف فهناك احتمالية كبيرة بخسارتها مع مرور الأيام كونهاً مهددة بالانقراض ايضاً، وهناك أكبر المخلوقات المعروفة الا وهي الحيتان، وقد شاهدنا عدة مرات كيف انجرفت إلى الشواطئ ميتة بسبب وجود كمية مخلفات بلاستيكية في جوفها، وعلى غراره تواجه الدلافين والفقمات نفس المخاطر ايضاً، وتواجه الطيور ذو المناظر فائقة الخيال والتي تعد من الحيوانات الأكثر تعرضاً لتهديد الإنقراض كمجموعة طيور البحر ذو الأنف الأنبوب، ويموت كل عام قرابة الملايين من طيور النورس، وتمنع المخلفات البلاستيكية وصول ضوء الشمس لمناطق داخل البحر تقبع بها العديد من المخلوقات الحية مما يدفعها الى الهجرة لبيئات مختلفة فتموت لعدم اتستطاعتها التكيف، فيتسبب موتها في النمو المفرط للطحالب، وهذا يؤدي لتدمير مستعمرات الأسماك التي تعتمد على ضوء الشمس، وغيرها من الأضرار التي لا تعد ولا تُحصى.
هذه المخلفات البلاستيكية تهدد عدة مخلوقات برية وبحرية من الانقراض ، ولكن ماذا سينتج بعد انقراضها؟
١- سيؤثر انقراضها بشكل سلبي على التوازن البيئي ثم على الإنسان في نهاية الأمر.
٢- سيؤثر على اقتصاد العالم عند فقدان الثروة السمكية والنباتات والحيوانات بشكل عام.
٣- سيؤثر بشكل سلبي انقراض النباتات والحيوانات على توافر الطعام لاعتماد ملايين الأشخاص على تناولها خاصةً المأكولات البحرية.
٤- سيؤثر إنقراض بعض النباتات على صناعة الأدوية كنبات الجينسينج الذي يستخدم في صناعة كثير من الأدوية.
وأيضا لا تقتصر إضرار المخلفات البلاستيكية على الحيوانات والنباتات بل تؤثر على صحتنا أيضا، حيث أن بعضاً من المنتجات تحتوي على الكلور مما يسمح للتربة بامتصاصه ومن ثم يتسرب إلى المياه، فيسبب أضراراً كبيرة للذين يعتمدون على مصادر تلك المياه، وايضاً، كثيرٌ منّا مع الأسف يستخدم مادة البلاستيك في حفظ الاشياء الساخنة، وهذا خطر جداً لان تفاعل البلاستيك مع الحرارة يسبب الكثير من الأمراض منها السكري وسببه مادة الديوكسين.
في نهاية الأمر يبقى السؤال مالذي نستطيع أن نفعله ليحسن ويقلل من هذه الأضرار البيئية؟
اعتقد أنه يجب علينا أن نتحد لنغير ماتسببنا منه لمخلوقات بريئة ومن المخاطر التي ستصيبنا بعدها، يجب أن نتذكر دوماً أننا نحن نستطيع تغيير مجرى الأحداث نحو الأفضل اذا ما بقينا متماسكين على رأي واحد.
نحن نستطيع على المستوى الفردي أن نغير عدة جوانب في حياتنا، منها ترك سواحل الشواطئ نظيفة، وعدم رمي المخلفات في المسطحات المائية، والتقليل من استخدام الأكياس البلاستيكية، وتحفيز الجميع على اتخاذ مسالك تقلل من استخدام البلاستيك لضمان مستقبل أكثر أماناً.