لا بد وأن نكون جميعنا قد مررنا بهذه التجربة المؤلمة، الألم الشديد في العضلات ( التعضيل ) في صبيحة اليوم الذي يلي ممارستنا لبعض التمارين الرياضية القاسية، ولكن تبين بأن هذا الشعور بعدم الارتياح، والمعروف طبياً باسم تأخر ظهور وجع العضلات (DOMS)، أو في المجال الرياضي (التعضيل)، هو في الواقع أحد الآثار الجانبية الطبيعية جداً لعملية إعادة بناء العضلات.
وعلى الرغم من انتشار الإصابة بحالة (DOMS)، فإن الآليات الدقيقة التي تتسبب بحدوثها لا تزال غير مفهومة تماماً، ولكن حالياً، يعتقد معظم الأشخاص بأن هذا يحدث نتيجة للدموع المجهرية التي تفرزها العضلات والأنسجة الضامة نتيجة القيام بممارسات القاسية، وتحدث هذه المرحلة من الحركة عندما تتطاول العضلات، ومن الأمثلة الكلاسيكية على هذه الحالة هي تمديد اليدين وخفض الأثقال إلى الأسفل أثناء ممارسة رفع الأثقال، أو الركض على طريق منحدر إلى الأسفل، ولكن هناك شيء واحد لا يحدث عند الإصابة بالـ(DOMS)، وهو تراكم حامض اللبن، الذي هو في الواقع أسطورة شائعة، حيث أن هذا الحمض يزول من العضلات بعد مضي حوالي ساعة من التمرين.
ممارسة الرياضة قد لا تقلل الوزن بل تزيده
لا تقتصر أعراض الـ(DOMS) فقط على الإصابة بآلام العضلات، حيث أن الأعراض يمكن أن تشمل الإحساس بالضعف والوهن، والتصلب، والحساسية للمس، وعادة ما تبدأ الأعراض بالظهور بعد مضي 12 إلى 24 ساعة بعد التمرين، وتصل إلى قمتها بعد 24 إلى 72 ساعة، وتبدأ بالاختفاء في غضون 3-5 أيام، ولكن الأخبار الجيدة، هي أنه ولكون الجسم يصبح مع الوقت أكثر تسامحاً مع التمارين القاسية، فإنه يبدأ بالتكيف بسرعة أكبر، لذا فإن أعراض الـ(DOMS) تصبح أقل تواتراً كلما واصلنا القيام بالتمارين الرياضية بذات الكثافة والقوة، وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإصابة بالوجع لمرة واحدة بعد ممارسة التمارين الرياضية، يقلل من فرصة مرورك بذات التجربة مرة أخرى لأسابيع أو حتى لأشهر.
حتى الآن، لم يستطع العلم إيجاد وسيلة نهائية للتخفيف من أعراض الـ(DOMS) في كل مرة يحدث فيها، والحل الأفضل على ما يبدو هو السماح للعضلات بأخذ قسط من الراحة، ولكن مع ذلك، قد يكون هناك بعض الخطوات التي يمكن اتخاذها لتكون أكثر لطفاً مع جسمك في هذه الحالات، فمثلاً يمكن لعصير الكرز، والزنجبيل، والكركم أن تكون جميعها مضادات طبيعية للالتهابات، ولذلك فقد تساعد على التقليل من الألم، وفي دراسة صغيرة،كان كل من عصير البطيخ وتطبيق مستخلص زهرة العطاس على مكان الوجع قادرين أيضاً على تقديم العون في هذا المجال.
أظهرت بعض الدراسات الأخرى بأنه على الأقل بالنسبة للرياضيين المحترفين، كان للاستحمام بالماء البارد، أو بالماء البارد والساخن المتناوب، تأثير إيجابي على التعافي من الآلام بسرعة، ولكن قبل أن تبدأ في ملء حوض الاستحمام لديك بالثلج، عليك أن تعلم بأن هذه الدراسات لم تدرس تخفيف الآلام، وإنما مدى القدرة على التعافي منها.
لماذا يتحول الوجه إلى اللون الأحمر عند ممارسة الرياضة؟
صدقوا أو لا تصدقوا، حالياً فإن أعضاء الهيئة الطبية يتناقشون فيما إذا كان تناول مسكنات الألم (مثل اسيتامينوفين) والأدوية المضادة للالتهابات بجرعات كبيرة تقدم المساعدة في هذا المجال، فعلى الرغم من أن الاسيتامينوفين يبدو فعالاً في الحد من الألم، وبالتالي يسمح للرياضيين بأن يبذلوا المزيد من الجهد ويحسنوا من أدائهم، إلّا أنه قد لا يكون فعالاً في تخفيف الألم المرتبط بالـ(DOMS)، وذلك على الرغم من أن إحدى الدراسات تزعم بأن مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية (مثل الايبوبروفين والأسبرين) قد يكون لها تأثير إيجابي اعتماداً على الجرعة ومواعيد تناول الدواء.
هناك شيء واحد آخر لا بد من أخذه بعين الاعتبار، حيث أظهرت الدراسات الحديثة أن الاستخدام المزمن لمضادات الالتهاب غير الستيروئيدية قد يمنع نمو العضلات، على الرغم من أن استخدامها في أوقات متباعدة قد يكون حلاً جيداً.
نهاية، يمكن القول أنه لا يوجد حل نهائي لآلام العضلات التي تحصل في صباح اليوم الذي يلي ممارستك للتمارين الرياضية، حيث أن إتباع أسلوب التمدد (مد عضلات الجسم وإرخائها بعد ذلك لعدة مرات) وغيرها من أساليب العلاجات المنزلية قد ثبت بأنها غير ناجحة في تخفيف أعراض الـ(DOMS).