لقد سمع أغلبنا بالمثل الشعبي القائل (تفاحة كل يوم تبعد الطبيب دوم) ولكن ماذا عن الابتسامة ؟ هل فعلاً لها ذات التأثير ؟
أشارات دراسة واسعة قام بها مركز بحوث الرحمة والإيثار في جامعة ستانفورد (CCARE) وتم تمويلها من مركز الكرامة الصحية (Dignity Health)، بأن هناك مجموعة متزايدة من الأدلة العلمية التي تشير إلى أن اللطف قد يؤدي إلى الشفاء، وهذه الدراسة تعتبر أحد أهم الأدلة التي تؤكد أن التعامل اللطيف الذي غالباً ما يتم إهماله من قبل الأشخاص، له تأثير مثبت بالإحصائيات على صحتنا الجسدية، فعلى سبيل المثال، يعتبر الأثر الإيجابي للطف على مرضى القلب أكبر من الأثر الذي يمكن أن يحدثه تناول الأسبرين في التقليل من مخاطر الإصابة بالنوبة القلبية.
إن أغلب العاملين في مجال الرعاية الصحية (الأطباء – الممرضين) يعتقدون منذ فترة طويلة بأن التعامل مع المرضى بلطف ورأفة له نتائج ايجابية، ولكن هذا الاعتقاد لم يعد مجرد فكرة أو لفتة جميلة من الأطباء أو الممرضين، كون البحث الذي أجري من قبل مركز (CCARE) يبيّن أنه عندما يتم التعامل مع المرضى بلطف، مثل التعرف على المريض والتعاطف والتواصل معه والاستماع إليه وتلبية احتياجاته، يمكن أن يؤدي إلى النتائج التالية:
- اللطف يمكن أن يسرّع من شفاء الجروح.
- اللطف يحد من الآلام التي يشعر بها المريض.
- اللطف يساعد على تقليل نسبة القلق.
- اللطف يساعد على خفض ضغط الدم.
- اللطف يساعد على التقصير من مدة الإقامة في المستشفى.
بالإضافة إلى ما تقدم، يظهر البحث أن المرضى الذين يتعامل معهم الأطباء والممرضات بشكل لطيف ورحيم، يكونون أكثر عرضة للإفشاء بالمعلومات الطبية، وهذا يؤدي بدوره إلى تشخيص الأمراض بشكل أكثر دقة، كما أن هؤلاء المرضى يكونون أكثر تمسكاً والتزاماً بالعلاجات الموصوفة لهم، مما يؤدي إلى التقليل من عدد زياراتهم إلى المستشفى.
كما وجدت الدراسة أن المرضى ليسوا المستفيدين الوحيدين من الرعاية الطبية اللطيفة، بل إن الأطباء والممرضات، ومقدمي الرعاية يستفيدون من اللطف أيضاً، فبيئة العمل اللطيفة تساعد العاملين على الانخراط بالعمل بشكل أكبر، كما وتقلل من مستويات التعب والإجهاد لديهم، وهذا يعتبر أمراً مهماً للغاية لدى مقدمي الرعاية الصحية، كون أغلبهم يعملون لساعات طويلة وغير متوقعة ويعيشون في جو من ضغط العمل.
غالباً ما تدور النقاشات حول كيفية تخفيض تكاليف الرعاية الصحية بدون أن يتم تقييد حصول المرضى على الرعاية الصحية، وبدون تخفيض نوعية الرعاية الصحية، حالياً ومن خلال هذا البحث، يمكن للمؤسسات الطبية أن تتعامل وفقاً لمعايير الجودة واللطافة والاحترام الطبي لتوليد نتائج أفضل، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تخفيض تكاليف الرعاية الطبية، بدون أن يؤدي ذلك إلى التأثير على المرضى أو على نوعية الخدمة المقدمة.
أخيراً، وعلى أقل تقدير، فإن هذا البحث يثبت أنه لا ينبغي النظر إلى اللطف على أنه مجرد فعل جميل يمكن أداؤه بعد إعطاء الدواء أو العلاج للمرضى، بدلا من ذلك، ينبغي أن ينظر للطف باعتباره جزءً لا يتجزأ من عملية الشفاء، خاصة وأن قسم أبقراط الذي يقسمه كل طبيب قبل مباشرته للمهنة يقول: (سوف أتذكر أن الدفء والتعاطف والتفهم يمكن أن يفوق نفعها مبضع الجراح وأدوية الطبيب)، لذلك فمن مسؤولية الذين يعملون ويدرسون في المجال الطبي أن يطبقوا مدلولات هذا القسم، ويجعلوا اللطف والرقة ديدنهم عند التعامل مع المرضى.