تبعاً لاكتشاف جديد، فإن التدخين يترك “سجلاً آثارياً” لمئات طفرات الحمض النووي التي يسببها.
بعد تعقب آلاف الأورام التي تصيب الجينيوم، وجد الباحثون بأن الأشخاص الذين يدخنون 20 سيجارة في اليوم سيحصلون في المتوسط على 150 طفرة في كل خلية رئوية في كل عام، وهذه التغييرات تكون دائمة، وتستمر حتى ولو أقلع الشخص عن التدخين.
تبعاً للباحثين فإن تحليل أورام الحمض النووي قد يساعد على تفسير الأسباب الكامنة وراء أنواع أخرى من السرطان.
تم تشخيص (باميلا بف) (69 عاماً) بسرطان الرئة ، وتبعاً لها فقد بدأت في التدخين في سن الـ17 وأقلعت عنه في أوائل خمسينياتها، ولكن على الرغم من تخليها عن التدخين منذ سنوات عديدة، فإن آثاره ما تزال تلازمها حتى الآن.
تضيف (بف)، “لو كنت أعلم بأن التدخين يسبب طفرات تبقى مع الشخص لمدى الحياة عندما كنت مراهقة، لما كنت بدأت بالتدخين في الأصل”.
غامض ومعقد
تم إجراء الدراسة التي نشرت في مجلة (Science)، من قبل مجموعة دولية من الباحثين، وقد ضمت المجموعة علماء من معهد ويلكوم ترست سانجر في كامبريدج ومختبر لوس ألاموس الوطني في نيو مكسيكو.
أظهر التحليل وجود صلة مباشرة بين عدد السجائر المستهلكة على مدى الحياة وعدد الطفرات الورمية التي تصيب الحمض النووي، وقد وجد الباحثون أن تدخين علبة سجائر، في المتوسط، خلال اليوم الواحد يؤدي إلى:
- 150 طفرة في كل خلية رئوية سنوياً
- 97 طفرة في الحنجرة أو الحبال صوتية
- 23 طفرة في الفم
- 18 طفرة في المثانة
- 6 طفرات في الكبد
بحسب المؤلف الرئيسي المشارك البروفيسور السير (مايك ستراتون) من معهد ويلكوم ترست سانجر، فكلما زاد عدد الطفرات في المنطقة، زادت فرصة حدوثها في الجينات الرئيسية التي نسميها جينات السرطان، والتي تحول الخلايا الطبيعية إلى خلايا سرطانية.
أشار الباحثون إلى أنه، وفي الأنسجة التي تتعرض مباشرة للتدخين مثل الرئة، كان بإمكانهم إيجاد التوقيعات التغيرية الناتجة عن المواد الكيميائية الموجودة في دخان التبغ، حيث يعتبر أكثر من 60 من هذه المواد مسرطنة، ولكن ومع ذلك، لم يمكن بالإمكان العثور على مثل هذا النمط في الأنسجة مثل المثانة، والتي لا تتعرض مباشرة للدخان.
تبعاً للبروفيسور (ستراتون)، فإنه يبدو بأن التدخين يعمل في هذه الأعضاء على تسريع عملية حدوث الطفرات بشكل طبيعي، ولكن الكيفية التي يفعل بها هذا ما تزال “غامضة ومعقدة”.
يضيف (ستراتون) بأن ذات نهج التحقيق يمكن أن يستخدم مع أنواع أخرى من السرطانات التي ما تزال الأسباب الكامنة وراءها غير مفهومة بما فيه الكفاية أيضاً، فمن خلال النظر في العوامل الوراثية للسرطان، سنجد الآثار الأثرية الناتجة عن التعرض السابق للتدخين والتي كانت المسؤولة عن توليد السرطان، وهذا قد يؤدي إلى الخروج ببعض الإجراءات الوقائية.
الاضطرابات الوراثية
تبعاً للدكتور (ديفيد جيليجان)،وهو استشاري أورام في مستشفى بابوورث، فإن مقابل تشكل 150 طفرة في الخلية في كل عام، تظهر 150 فرصة لتطور هذه الطفرات إلى حالات من سرطان الرئة.
كان سرطان الرئة في آخر قائمة اهتمامات الباحثين في مجالات السرطان لعدة سنوات، ولكن في الآونة الأخيرة ظهرت العديد من التطورات المثيرة للاهتمام، بما في ذلك ظهور العلاج المناعي والعلاج بالعقاقير المستهدفة للجينات.
قام الباحثون بمسح الحمض النووي في أورام المشاركين في التجربة لفحص ما إذا كانت تحوي على جينات قد تستجيب للدواء، ولكن المسح أظهر بأن الورم في الرئة اليمنى للسيدة (بف) كان ينمو، وأنها مضطرة إلى ترك الدراسة.
هناك 35,000 حالة وفاة سنوياً في المملكة المتحدة بسبب سرطان الرئة، وتشير التقديرات إلى أن تسعة من بين كل 10 حالات هي حالات كان بالإمكان الوقاية منها.