بعد قيامه بإطلاق 11 قمراً للاتصالات إلى المدار، تمكنت شركة الرحلات الفضائية الخاصة من إعادة الجزء الأول من صاروخ (Falcon 9) إلى الأرض، حيث هبط على منصة في قاعدة كيب كانافيرال بولاية فلوريدا وسط هتاف جميع الأشخاص الحاضرين في غرفة مراقبة العمليات وجميع أنحاء العالم.
تبعاً لما جاء في موقع (سبيس اكس) على الإنترنت “لقد هبط فالكون”، وجميع الأقمار الصناعية ORBCOMM)) الـ11 قد تم نشرها دون مشكلة.
هذا الهبوط هو المرة الأولى التي تحاول فيها (سبيس اكس) جعل الجزء الأول من صاروخ (Falcon 9) يهبط بشكل عمودي على أرض صلبة بعد أن حلق بحمولته إلى المدار، كما أنها المرة الأولى التي تستطيع فيها أي شركة جعل قطعة من صاروخ مداري تهبط مرة أخرى إلى الأرض بعد إطلاق الصاروخ إلى الفضاء.
تبعاً لـ(ايلون موسك)، مؤسس شركة (سبيس اكس)، فإن كل شيء كان يبدو مثالياً، علماً أن (موسك) كان يعتقد بأن الصاروخ قد انفجر أثناء نزوله إلى المنصة، وذلك لأنه سمع دوي انفجار هائل ترافق مع هبوط الصاروخ إلى الأسفل، ولكن سرعان ما أدرك رجل الأعمال الملياردير أن ما سمعه كان الدوي القوي الناتج عن إعادة دخول الجزء الأول من الصاروخ إلى الغلاف الجوي، وليس تدمير الصاروخ لنفسه.
وصل الصاروخ في رحلته إلى ارتفاع بلغت ذروته حوالي 200 كم قبل أن يشق طريقه مرة أخرى ليهبط على الأرض.
كانت شركة (سبيس اكس) قد حاولت جعل مرحلة الدفع من صاروخ من طراز (Falcon 9) تحط على متن سفينة بدون قبطان في المحيط الأطلسي في الرحلات السابقة، إلا أن تلك التجارب لم تكن ناجحة، وقالت الشركة بأنه من الناحية التقنية، من الأسهل أن يهبط الصاروخ مرة أخرى على منصة كيب كانافيرال، وذلك لأنه لن يكون على معزز الهبوط أن يتعامل مع الأمواج، فضلاً عن أن منصة كيب كانافيرال تتمتع بحجم أكبر.
من المرجح أن يكون الجزء الذي تم إنزاله بسلام إلى الأرض غير قادر على الطيران مرة أخرى، ولكن (سبيس اكس) تخطط لاختباره للتأكد من أنه قد عاد من الفضاء آمناً تماماً وسليماً قبل أن تحتفظ به ليكون قطعة فريدة من نوعها في تاريخ الرحلات الفضائية.
ولكن هذه ليست أول عملية ناجحة لاختبار صاروخ قابل لإعادة الاستخدام لهذه السنة، فشركة الصواريخ (Blue Origin) التابعة لمؤسس موقع (Amazon.com) (جيف بيزوس) كانت قد ادعت بأنها استطاعت جعل صاروخها يهبط على الأرض مرة أخرى بعد التحليق بكبسولة اختبار إلى حافة الفضاء –على ارتفاع ما يقارب الـ100 كلم – كما كانت (سبيس اكس) أيضاً فد أطلقت وأعادت مركبتها الصاروخية ذات المحرك الواحد القابلة لإعادة الاستخدام (Grasshopper)، وذلك على الرغم من أن هذه المركبة لم تستطع الوصول أبداً إلى الفضاء.
ولكن (بيزوس) كان لديه شيء ليقوله حول هذا الهبوط، حيث قال في تغريدة له على التويتر : “مبروك لشركة (سبيس اكس) على هبوط مرحلة الدفع دون المدارية لفالكون، وأهلاً بكم في النادي!”
Congrats @SpaceX on landing Falcon's suborbital booster stage. Welcome to the club!
— Jeff Bezos (@JeffBezos) December 22, 2015
هذه التغريدة كانت تشير بوضوح إلى حقيقة أن صواريخ (بيزوس) كانت قد استطاعت الوصول إلى المدار فضائي الفرعي وعادت مرة أخرى على الأرض قبل أن يفعل ذلك صاروخ (موسك)، وذلك على الرغم من أنه إذا أردنا أن نكون منصفين، فإن صاروخ (موسك) قد وصل إلى ارتفاع أعلى مما وصل إليه صاروخ (بيزوس).
كلاً من (بيزوس) و(موسك) كانا يريدان أن يقوما بجعل الصواريخ التي يمكن إعادة استخدامها أمراً واقعاً، وذلك بهدف الحد بشكل كبير من تكلفة رحلات الفضاء.
وفقاً لـ(موسك)، ففي الوقت الراهن، تصل تكاليف تصنيع صواريخ (Falcon 9) لحوالي الـ16 مليون دولار، ولكن تكلفة الوقود لوحدها تصل لحوالي 200,000 دولار، ولكن بعد النجاح في جعل الصاروخ يهبط بشكل عامودي على منصة الإطلاق مرة أخرى، أصبح بإمكان شركات الصواريخ إعادة استخدام هذه المرحلة لبعثات أخرى بدلاً من هبوط هذه الأجهزة باهظة الثمن من الغلاف الجوي وهي تحترق على طول الطريق.
بحسب (موسك) فإن إعادة استخدام المراحل الصاروخية يمكن أن تجعل من تكلفة الرحلات الفضائية أقل بكثير، وأضاف بأن الأمر مماثل نوعاً ما لإعادة تزويد طائرة بوينغ 747 بالوقود مرة أخرى أو شيئاً من هذا القبيل.
هذه الرحلة الناجحة لصاروخ (Falcon 9) تمثل علامة فارقة تدل على عودة شركة (سبيس اكس) إلى مجال الرحلات الفضائية، وذلك بعد تحطم أحد إصدارات (Falcon 9) بعد فترة قصيرة من إطلاقه في شهر حزيران اماضي من عام 2015، حيث إنهار هذا الصاروخ وهو يحمل كبسولة (Dragon) الغير مأهولة إلى محطة الفضاء الدولية.
الصاروخ الذي تم إطلاقه اليوم هو أحد “تطويرات” نسخة صاروخ (Falcon 9)، وهذا التطوير هو الذس جعل الصاروخ، وفقاً للشركة، أكثر قوة من أي وقت مضى.