في إطار فعاليات مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية “ويش” 2024، سيتم الكشف عن تقرير رئيسي يتناول مقاومة مضادات الميكروبات، ويقدم تحليلًا شاملًا للتقدم العالمي في مواجهة هذا التهديد المحدق، بهدف حشد الجهود لاتخاذ إجراءات ملموسة.
تُعَد مقاومة مضادّات الميكروبات أزمة عالمية متصاعدة تهدد الطب الحديث. ومع تسجيل 4.71 مليون حالة وفاة سنويًا مرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات، مع أنه يمكن أن يرتفع هذا العدد إلى 8.22 مليون بحلول عام 2050، مما يؤثر بشكل أساسي على السكان في دول الجنوب العالمي”. ومع تطور البكتيريا وتطوّر مقاومتها للمضادّات الحيوية التي نعتمد عليها للعلاج، يمكن أن تكون العواقب وخيمة – ليس فقط على مستوى المرضى الأفراد، بل إنها قد تمتد لتشمل أنظمة الرعاية الصحية والاقتصادات بأكملها.
ستشكل مقاومة مضادات الميكروبات موضوعًا رئيسيًا على أجندة قادة الصحة العالمية للنقاش في مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية “ويش” 2024، وهو حدث الذي تستضيفه مؤسسة قطر مرة واحدة كل عامين. وستجمع نسخة هذا العام كوكبة من الخبراء العالميين لمناقشة أبرز قضايا الرعاية الصحية تحت عنوان: “الصحة من منظور إنساني: المساواة والمرونة في مواجهة الصراعات”.
ومن بين التقارير التي ستصدر في القمة، تقرير يحمل عنوان “التصدي لمقاومة مضادات الميكروبات: كيف نضمن استمرار فعالية المضادّات الحيوية لأجيال المستقبل؟”
يأتي هذا التقرير عقب اجتماع زعماء العالم في نيويورك للتصديق على إعلان سياسي للأمم المتحدة يهدف إلى تسريع الجهود العالمية لمعالجة مقاومة مضادّات الميكروبات من خلال تقديم توصيات قابلة للتنفيذ. عبر مراجعة التقدم العالمي في مجالات متعددة، مثل المراقبة والحفاظ على الموارد والصرف الصحي. يسعى التقرير إلى إضفاء زخم جديد على الالتزامات السياسية ودفع الأولويات إلى الأمام.
يتضمن التقرير ست توصيات توفّر إرشادات للمجتمع الدولي حول المجالات التي تتطلب تعزيز الجهود بوتيرة أسرع. ومن بين أبرز التحديات للعمل الجماعي، تأمين التمويل لخطط العمل الوطنية. ويسلط إعلان الأمم المتحدة الأخير الضوء على الطموح لتمويل 60 في المائة من هذه الخطط بحلول عام 2030، إلا أنه يترك العديد من الأسئلة دون إجابة، لا سيما حول العدالة والاستدامة.
ومع احتمال أن تظل حوالي 40 في المائة من الدول بلا تمويل، من المرجح أن تواجه هذه المناطق عبئًا أكبر في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات.
في هذا الصدد، يقول البروفيسور اللورد دارزي، الرئيس التنفيذي لقمة “ويش” والمسؤول عن هذا التقرير: إذا لم نعطِ الأولوية لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، فسيتوقف الطب الحديث عن الوجود كما نعرفه اليوم. لهذا السبب، أقود مبادرة “فليمينغ” لضمان فعالية المضادات الحيوية لأجيال المستقبل. من خلال جمع الباحثين وعلماء السلوك والأطباء وصنّاع السياسات والجمهور، نعمل على تطوير حلول مبتكرة لمواجهة مقاومة مضادات الميكروبات على مستوى العالم.
ويتابع: “يسلط هذا التقرير الضوء على المجالات التي حقق فيها المجتمع الدولي بعض التقدم، كما يبرز المجالات التي تستدعي تكثيف الجهود. ومن أهم القرارات المؤثرة التي يمكن اتخاذها هو زيادة الوصول إلى وسائل التشخيص. فحاليًا، يتم علاج 70 في المائة من حالات التهاب الحلق باستخدام المضادات الحيوية، ولكن أغلبها ناجم عن الفيروسات. “
ويضيف: “أعتقد أنه علينا تحديد هدف جديد وجريء يتمثل في أنه بحلول عام 2030 – وبصرف النظر عن حالات الطوارئ – فإنه يجب وقف وصف المضادّات الحيوية دون اختبار تشخيصي يؤكد فعاليتها. هذا هدف طموح يتطلب مستوى غير مسبوق من التعاون العالمي، والاستثمار وتغيير السلوك.”
وكما توضح التوجهات العلمية التي يتبناها اللورد دارزي أن مكافحة مقاومة مضادّات الميكروبات مسألة معقدة لكن لا ينبغي إغفالها، وأن التوصل إلى الحلول الناجعة يتطلب عملًا جماعيًا من لدن الأفراد والعاملين في مجال الرعاية الصحية وصنّاع السياسات على حد سواء. في سياق ذلك، يقول الخبير: “إن حماية التقدم المحرز في مجال الطب على مدى القرن الماضي، وحماية مستقبل الصحة العامة يتطلب إعطاء الأولوية للتمويل، وزيادة الوعي، وضمان الوصول العادل، والدعوة إلى الاستخدام المسؤول للمضادات الحيوية. من الواضح أن المعركة ضد مقاومة مضادّات الميكروبات ليست مجرد تحدٍ يواجهه العلماء فحسب؛ بل إنها ضرورة صحية عالمية بالغة الأهمية يجب معالجتها بشكل فوري.”