بعض الروابط التي تربط الخلايا البيولوجية ببعضها, تصبح أقوى إذا ما كانت مشدودة, حيث أن هذه الروابط تساعد على المحافظة على عضلة القلب متماسكة ونابضة, كما أن انهيارها قد يساعد الخلايا السرطانية على الانفصال والانتشار.
تعرّف هذه الروابط بـ(الروابط الماسكة), حيث تتشكل من ترابط بروتينات لاصقة تدعى كادهيرين ” cadherins” وبحسب وصف (سينجيفي سيفاسانكار), وهو أستاذ مساعد في جامعة ولاية أيوا للفيزياء وعلوم الفلك, أن هذه الروابط الماسكة هي بمثابة حزام الأمان النانوي (شديد الصغر), حيث أنها تصبح أقوى كلما كانت مشدودة أكثر.
لكن كيف يمكن للروابط أن تكون أقوى تحت تأثير قوة الضغط؟
وجد (سيفاسانكار) وفريقه في بحث تم نشره في مجلة NatureCommunications، أن الروابط الهدروجينية الناتجة عن الضغط هي ما يجعل الروابط أقوى, حيث يشير (سيفاسانكار) أن الروابط القوية بين الخلايا مهمة جداً للحفاظ على صحة القلب ومحاربة الخلايا السرطانية, إضافة إلى أن الروابط بين الخلايا في القلب يجب أن تكون قادرة على تحمل القوى الميكانيكية الثابتة الناتجة عن الحركة المستمرة للقلب, أما بالنسبة لمرض السرطان, فإن ضعف الروابط وعدم مقاومتها للقوة المؤثرة عليها, تسمح للخلايا السرطانية أن تنفصل و تنتشر في أنحاء مختلفة من الجسم.
لمعرفة الآلية التي تقف وراء هذه العلاقة القوية الموجودة بين الروابط الماسكة للخلايا, بدأ فريق (سيفاسانكار) بالعمل على ميكانيكية الجزيئات عن طريق إجراء محاكاة على الكومبيوتر, واستناداً إلى بيانات من تجارب سابقة, وجدوا أن جزيئين كادهيرين حمراوين يبدوان بشكل قضيبين طويلين, يرتبطان معاً بشكل علامة X – حيث تدعى هذه الرابطة برابطة X الثنائية X-dimer- وفي حال تعريضهما لقوة سحب ضاغطة يشكّلان روابط ماسكة، وتلعب أيونات الكالسيوم دوراً في ذلك, حيث أن أيونات الكالسيوم تبقي جزيئات الكادهيرين ثابتة ومتماسكة حين تعريضها لقوة السحب الضاغطة, كل هذا يسمح بتكوّن سلسلة من الروابط الهدروجينية, هذه الروابط الهدروجينية الناتجة عن تطبيق الضغط والتي تتصف بطول الأمد, تقوم بإقفال (روابط X الثنائية) وتجعل اتصالها أكثر احكاماً، وبمتابعة التجارب على جزيء واحد تبين أنه إذا ما قمنا بإزالة تأثير السحب أو إزالة أيونات الكالسيوم, لا يعود تشكيل هذه الروابط ممكناً.
كل ما قام (سيفاسانكار) بشرحه, يساعد في تفسير الحيوية الفيزيائية لإلتصاق الخلايا ببعضها, وهذا أمر بغاية الأهمية بالنسبة للعلماء, فبحسب ما ورد في الدراسة المقدمة من قبل الفريق أن هذا الارتباط هو أمر ضروري للحفاظ على سلامة الأنسجة مثل الجلد والأوعية الدموية والغضاريف و العضلات، والتي تتعرض لضغوطات ميكانيكية مستمرة.