الاكتئاب الجمعي .. هل يمكن أن تصاب مجتمعات كاملة بنفس الأمراض النفسية؟
أثرت الأزمة الصحية العالمية على كل الدول، وتم اتخاذ الاحتياطات اللازمة مثل الإغلاق الكامل وحظر التجوال لمنع المزيد من انتشار الوباء . كان الجزء الأكثر تحديًا في أزمة الفيروس التاجي كورونا هو أنه مرض جديد تمامًا بدون لقاح معروف أو علاج محدد.
كل هذه الأحداث أدت إلى ظهور المزيد من المشكلات الجديدة سواء على مستوى الدول أو مستوى الأفراد. إحدى أهم المشكلات التى واجهها الناس هي تدهور الحالة النفسية والصحة العقلية لعدد كبير من الناس في نفس الوقت وهو ما يعرف بالاكتئاب الجمعي أو الCollective Depression.
ما هو الاكتئاب الجمعي أو ال Collective Depression؟
الاكتئاب الجمعي مرتبطًا بصدمة عالمية أو ظروف عامة على مستوى الدولة أو العالم – كما هو الحال في جائحة كورونا- وهي صدمة يتأثر بها نسبة كبيرة جدًا من السكان.
تتضمن الأسباب الأخرى للصدمات الجماعية نوبات الإبادة الجماعية، وأعمال أو جرائم الحرب، والكساد الاقتصادي، والكوارث الطبيعية، والكوارث التكنولوجية الخارجة عن السيطرة. كل هذه الأحداث يمكن أن تؤدي إلى اكتئاب جماعي؛ إما بطريقة مباشرة، أو من خلال التراكم التدريجي للمشاعر السلبية.
هل فعلا تعمل مضادات الإكتئاب بشكل حقيقي؟
10 أشياء صغيرة تعني الكثير لمريض الإكتئاب
كيف يمكن التخلص من الاكتئاب و عدم الثقة فى الاخرين؟
كيف يمكننا التعرف على الاكتئاب الجماعي ومواجهته؟
الاكتئاب الجمعي حالة غير مرغوب فيها بالطبع؛ ولكنها منتشرة للغاية. عرف العالم الاكتئاب الجماعي منذ قديم الأزل، ولعل بعض أبرز الأمثلة عليه في ذاكرة العالم تكمن في الحروب مثل الحرب العالمية الثانية، وانتشار الأحياء المحتجزة والمهددة مثل معسكرات الاعتقال ومجتمعات اليهود في ألمانيا.
تفقد تلك المجتمعات أي أمل في انفراج تلك الظروف في أي وقت قريب؛ وتزيد حالات الانتحار فيها.
ويمكن التعرف على الاكتئاب الجماعي بصورة مباشرة من خلال آثاره، حتى لو لم يتم تحديد وضعها الفلسفي أو الطبي الدقيق. هناك الكثير من الآراء التي تفضل التعامل مع الاكتئاب الجماعي على انه مجموع الاكتئابات الفردية؛ ومع ذلك هناك اهتمام متزايد بمفهوم المرض الاجتماعي الجماعي بشكل عام، حيث يُلاحظ انتشار حالة جسدية أو نفسية داخل مجموعة بدون سبب عضوي مشترك؛ مما يؤثر على الدول و المجتمهات بشكل عام.
على سبيل المثال، في وقت الوفاة المأساوية للأميرة ديانا في عام 1997، الكثير
من الصحف ووسائل الإعلام الأخرى ذكرت أن “بريطانيا لديها انهيار عصبي جماعي ” مما يدل على انتشار ذلك المفهوم حينها
كيف يمكننا معالجة الاكتئاب الجماعي؟
في الغالب يتم علاج الاكتئاب الجماعي من خلال ممارسات واستراتيجيات تخفيف الأعراض التي يتم إدارتها ذاتيًا بواسطة الأفراد؛ والتي قد تساعد في البقاء على قيد الحياة وتحسين الحياة اليومية على المدى القصير ولكنها لا توفر حلاً طويل المدى.
يتطلب العلاج الدائم إزالة أسباب الاكتئاب الجماعي، كما هو الحال مع الاكتئاب الفردي.
يوجد للاكتئاب الجمعي جانب علاجي آخر، وهو أنه يمكن علاجه بخطوات عملية إيجابية صغيرة تؤدي إلى رفع الشعور باليأس عن الأفراد، وتحسين الحالة العامة.
وسيؤدي التعديل التدريجي للاكتئاب الجماعي إلى التعديل التدريجي للاكتئاب الفردي بطبيعة الحال.
ولكن في حقيقة الأمر؛ يكمن علاج الاكتئاب الجماعي في تغيير السببية الظرفية، مثل إنهاء الحرب أو المجاعة أو الوباء. مثلا في حالة جائحة كورونا، مع وجود اللقاح، تحسن الشعور العام عما كان عليه في بداية الجائحة.
وتعتبر القيادة الواعية الحكيمة أحد أهم العوامل؛ بل عاملاً رئيسياً في عكس مسار الاكتئاب الجماعي؛ حيث يجب على القادة في مثل تلك الأوقات أن يختاروا كلماتهم وتصرفاتهم بعناية حتى لا يثيروا الهلع بين الشعوب. ولكن يجب أيضاً أن يعرف الناس حقيقة الأمر حتى يتخذوا الاحتياطات اللازمة.
المصادر: https://brill.com/view/book/edcoll/9789401203951/B9789401203951-s002.xml