بدأت مؤخراً بعض المطارات مثل مطار هيثرو وغاتويك في المملكة المتحدة، بإجراء فحوصات طبية للإيبولا للأشخاص القادمين إلى المملكة المتحدة وذلك فور وصولهم، ولكن الإجراءات التي يقومون باتخاذها في تلك الأماكن لن تمنع على الأغلب أي شخص يحمل مرض الإيبولا من الدخول إلى البلاد، فبحسب الدكتور (كريس داي)، وهو مدير التخطيط لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، أن هذه الفحوصات يمكن أن تعمل على “زيادة الوعي بشكل كبير”، ولكن من غير المحتمل أن تقود للكشف عن أي شخص مصاب بفيروس إيبولا من القادمين إلى المملكة المتحدة، كما ويتوقع وزير الصحة (جيريمي هانت) أن يتم تأكيد الحالات الأولى في المملكة المتحدة من المرض خلال فترة أعياد الميلاد، وذلك على الرغم من الفحوصات التي يتم اجرائها.
تتضمن الإجراءات الوقائية التي يتم اتباعها الطلب من القادمين أن يقوموا بالإجابة على ورقة استبيان تتضمن المكان القادمين منه والأشخاص الذين تواصلوا معهم، ومن ثم يتم قياس درجة حرارتهم، خاصة إن كانوا قادمين من أحد البلدان التي أبلغ بوجود إصابات بمرض الايبولا فيها، مثل غرب افريقيا، ومن ثم يتم تقييمهم مرة أخرى إذا لزم الأمر.
إن وجود مثل هذه التدابير في هذه الأماكن يرفع من مستوى الوعي العام لمرض الإيبولا بكل تأكيد، ففي ظل التفشي العالمي لهذا المرض، يعد اتخاذ بعض الخطوات الوقائية الواضحة أمراً مساعداً للحفاظ على الهدوء العام على الأقل.
ولكنه من غير المرجح أن تستطيع هذه الإجراءات تحديد أي شخص مصاب بفيروس إيبولا، للأسباب التالية:
- هذا الفحص تطوعي:
فليس هناك ما يجبر أي من المسافرين للخضوع لاجراءات الفحص، حيث يمكن لأي من القادمين أن يدخل إلى البلاد من دون أن يتم فحصه.
- ليس بالضروري أن يظهر الأشخاص المصابون بالفيروس أي نوع من الأعراض:
حيث يحتاج الفيروس لفترة حضانة تتراوح بين 2 و 21 يوماً قبل أن تبدأ أعراضه بالظهور، وذلك وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، وبالتالي فإنه لا يمكن الكشف عن الفيروس عن طريق فحص درجة الحرارة في تلك المرحلة.
- الأعراض الأولية للإصابة بالإيبولا مماثلة لأعراض الإصابة بالإنفلونزا العادية:
على الرغم من أن الأعراض المتأخرة للإيبولا تعد متميزة عن غيرها من الأمراض، مثل حدوث نزيف من العينين، إلّا أن الأعراض المبكرة مثل الحمى والعطاس يمكن أن يتم خلطها بسهولة مع أعراض الانفلونزا العادية أو أي مرض آخر، وفي الحقيقة فإن تحديد إصابة الشخص بالإيبولا من عدمها لا يتم إلا عن طريق إجراء تحاليل دم طبية، وهذا الأمر يتطلب ساعات من الوقت، مما لا يسمح بإجرائها في مثل هذه الأماكن، لذلك لن يكون الأمر مفاجئاً إذا ما ادت هذه الإجراءات التي يتم القيام بها في المطارات إلى القبض على أحد الركاب السيئي الحظ الذين يعانون من الأمراض الموسمية، والذين كانوا لسوء حظهم أيضاً في زيارة إلى أفريقيا في الآونة الأخيرة.
- المصافحة:
يقوم ضباط الهجرة بشكل متكرر بمصافحة الركاب الذين تم فحصهم في مطار هيثرو، وعلى الرغم من أن التواصل بالأيدي لا يسبب انتقال إيبولا على الأرجح – فالرئيس الأمريكي أوباما قام بمصافحة الممرضات اللواتي قمن بمعالجة مريض الإيبولا في اتلانتا، بدون أن ينتقل المرض له- حيث أن الفيروس ينتقل فقط عن طريق الاتصال المباشر مع سوائل جسم الشخص المصاب، والتي لا تشمل العرق، إلّا أن الكثير من المراقبين يرون أن ملامسة الأيدي بين الموظفين والركاب غير ضرورية.
- عمال الحدود ليسوا أطباء:
إن موظفي المطار الذين من المفترض أن يقوموا بتقييم الأشخاص المصابين بالإيبولا كثير منهم عديم الخبرة في تشخيص الأمراض المعقدة.
- من السهل جداً على مريض الإيبولا أن يخفي مرضه – في المراحل الأولى:
يمكن للأشخاص المصابين بالفيروس، أو للمرضى المصابين بالأمراض الشائعة مثل الانفلونزا، أن يتناولوا حبة دواء مسكنة لتخفيض درجة حرارتهم قبل الخضوع للفحص، وبذلك لن يكون بالإمكان الكشف عن حالتهم بواسطة الماسحات الضوئية.
- لا يمكن الوثوق بمصداقية أي من الأشخاص المسافرين:
لا يمكن الاعتماد على أقوال المسافرين حول اتصالهم أو معرفتهم لأشخاص مصابين بالإيبولا، فحتى الفحوصات الاضافية التي تم إجراءها لتوماس دنكان – ضحية الإيبولا الذي توفي في ولاية تكساس- لم تتمكن من كشف حالته، حيث تبين أنه مصاب بالإيبولا على الرغم من تصريحه بأنه لم يكن على اتصال مع أي شخص مصاب بالإيبولا، في الوقت الذي كان فيه بالفعل قد زار شخصاً كان يحتضر بسبب إصابته بالفيروس.
- لا يمكن معرفة جميع الأشخاص الذين كانوا في المناطق الموبوئة:
بما أن عدد من الدول أوقف الرحلات القادمة من ليبيريا وسيراليون وغينيا، فإن هذا يعني أنه على الأشخاص القادمين من تلك البلدان أن يقوموا بتغيير طائراتهم في مكان ما أو حتى يمكن أن يكونوا قد وصلوا إلى البلاد براً.
ومع ذلك فإن عملية فحص جميع الركاب – والتي هي من المهام المكلفة والتي تستغرق وقتاً طويلاً- تعتبر السبيل الوحيد حالياً لضمان إجراء الفحوصات اللازمة لجميع الأشخاص الذين كانوا في زيارة لأحدى الدول التي تحتوي على مخاطر عالية للإصابة بالإيبولا في الآونة الأخيرة.