إن كل من علم استكشاف الفضاء والملاحة البحرية يتشاركان بالعديد من المفردات المشتركة, حيث أننا ندعو المركبة التي نرسلها إلى الفضاء بالسفينة الفضائية, والأشخاص الذين يركبون السفينة الفضائية ندعوهم astronaut(رائد فضاء), وهذه الكلمة تعني (بحّار النجوم).
أما بالنسبة للدكتورة (إلين ستوفان)، كبيرة العلماء في وكالة ناسا، فإنها ترغب بالدمج ما بين مصطلحي استكشاف الفضاء والملاحة البحرية بشكل أكثر حرفية, فهي من أنصار فكرة إرسال مسبار فضائي إلى أكبر أقمار زحل (تيتان), حيث سيكون بإمكانه هناك الإبحار في أمواج من الغازات السائلة للميثان والإيثان.
تقوم فكرة Titan Mare Explorer (استكشاف بحر تيتان), والتي تدعى اختصاراً بـ (TiME), والتي تم طرحها من قبل فريق تقوده الدكتورة (ستوفان) قبل أن تصبح كبيرة العلماء, بأن يتم ارسال المسبار إلى زحل عن طريق الإسقاط المظلي في بحيرة ليغيا Ligeiaالواقعة على نصف الكرة الشمالي للقمر.
ولكن مشروع (TiME) تم استبداله قبل سنتين, بمشروع InSight Mars Lander (مسبار إنسايت لاستكشاف المريخ) الذي من المقرر إطلاقه عام 2016, حيث أنه يهدف إلى تقصي جوهر الكوكب الأحمر, بما في ذلك تكوينه, ودرجة حرارته ونشاطه البركاني.
إلّا أن فكرة استكشاف بحر تيتان لم تمت بعد, حيث أن أنصارها ما زالوا يأملون أن تتلقى الفكرة التمويل اللازم ضمن خطط (ناسا) المستقبلية, حيث أن وكالة الفضاء الأمريكية تبحث حالياً عن بعثات لتطلقها في عام 2021 وما بعد ذلك, ولكن على ما يبدو أنه يجب على (TiME) أن ينتظر أكثر لتمويل أبحاثه بالنظر إلى أنه قد تم إلغاء مشروع مولد النظائر المشعة (ستيرلينغ) في العام الماضي بعد أن تم إنجاز 70% منه, واستهلك ميزانية تقدربـ 150مليون دولار.
يشير (رالف لورنز) من جامعة جون هبكنز, الذي سبق له استلام منصب رئيس مشروع (TiME), أن المسبار سيعمل أساساً كعوامة منجرفة, مثل التي تستخدم في علم المحيطات الأرضية, وستكون الرياح هي ما يسيطر على حركة المسبار, لذلك يمكن أن نعتبر أن حركته تشبه الإبحار, حيث سيبحر في درجة حرارة تصل إلى -180o سيلزيوس (290o فهرنهايت).
تم تصميم هذه البعثة لتمتد على فترة ثلاثة أشهر, حيث يتم خلالها أخذ قياسات البحيرة المستهدفة, إضافةً إلى البحث عن مؤشرات للحياة فيها، وترى الدكتورة (ستوفان) بأن مهمة (TiME) لن تقف عن هذه الحدود،, فقمر تيتان لا يحتوي على مياه سائلة على سطحه, إلّا أنه من المعتقد أنه يحتوي على محيطات جوفية تحت قشرته الجليدية، وعلى الرغم أن (TiME) لن يكون باستطاعته البحث عن الحياة الدفينة في أعماق المحيطات الجوفية, إلّا أنه قد يكون قادراً على العثور على علامات للحياة الغير قائمة على أساس مائي على سطح البحيرات التي يقوم باستكشافها.
الأمر الذي يجعل قمر تيتان مؤهلاً ليكون موطناً للحياة الأوليّة, هو سماكة وتعقيد غلافه الجوي، والذي لا يختلف كثيراً عن الغلاف الجوي الذي كانت تتمتع به الأرض قبل نشوء الحياة عليها, حيث يعتقد العلماء أن تيتان يمكن أن يحتوي على أسلاف للحياة مثل الأحماض الأمينية, أو المواد الكيميائية, التي يمكن أن تتحول فيما بعد إلى طاقة, ومن المحتمل أن أي كائن يعيش على سطح ذلك القمر يتنفس غاز الهيدروجين عوضاً عن الأوكسجين, ويقوم بدمجه مع الأسيتيلين بدلا من الجلوكوز، ويكون الزفير الناتج عنه هو غاز الميثان بدلاً من غاز ثاني أكسيد الكربون.