في عام 2013، توفي حوالي 600,000 شخص نتيجة للملاريا، وهو مرض يسببه طفيل ينتقل إلى البشر من خلال لدغات البعوض، ولكن هذه الآفة – التي عادة ما تصيب الأطفال في أفريقيا – أصبحت الآن من الأمراض التي يمكن الوقاية منها، فلسنوات كان الباحثون يعملون على تجربة مختلف الحلول للحد من انتشار الملاريا، ابتداءاً بصناعة الأدوية المبتكرة وانتهاءاً بإعادة هندسة البعوض لمنعهم من نقل المرض، ولكن بعد أربع سنوات من الاختبارات على الآلاف من الرضع والأطفال، برز مؤخراً لقاح مضاد للملاريا كأحد الأدوية الواعدة التي تبشر بمنع انتشار هذا المرض المميت، وقد تم نشر نتائج التجارب السريرية في مجلة (The Lancet) هذا الأسبوع.
لاختبار مدى فعالية اللقاح، قام الباحثون بإعطاء حوالي 15,000 طفل من سبعة بلدان في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تتراوح أعمارهم بين ستة أسابيع و 17 شهراً، والذين كان بعضهم مصاب بفيروس الملاريا، جرعة من اللقاح الجديد كل شهر لمدة ثلاثة أشهر، كما تم إعطاء أحد المجموعات لقاح معزز بعد 18 شهراً، وبعد السنة الأولى، كان عدد الإصابات بالملاريا بين مجموعات الأطفال الذين شاركوا في التجربة أقل بنسبة 50% من العدد الذي توقعه العلماء، كما أنه عندما قام الباحثون بفحص الأطفال مرة أخرى بعد ثلاث سنوات من إعطائهم اللقاح الأولي، لاحظوا أن 36% من الأطفال الذين تم إعطاؤهم اللقاح المعزز لم يتم تسجيل دخولهم إلى المستشفى لحالات مرتبطة بالملاريا، وذلك بالمقارنة مع مجموعة الأطفال الذين لم يتم إعطاؤهم اللقاح المعزز.
بحسب (مايك تيرنر)، وهو متخصص في الأمراض المعدية في مؤسسة ويلكم ترست، أنه على الرغم من أن اللقاح ليس فعالاً بما فيه الكفاية، إلّا أنه يبدو واعداً بما يكفي لإعطاء المسؤولين في مجال الصحة العامة والباحثين على حد سواء بعض الشعور بالأمل، فعلى الرغم من أن مستويات الحماية التي يوفرها اللقاح ضد الملاريا السريرية قد تبدو منخفضة نسبياً، إلّا أنه أفضل من أي لقاح محتمل آخر حتى الآن، كما أن هذه النتائج مهمة أيضاً في تمهيد الطريق لتطوير لقاحات أفضل في المستقبل.
ستقوم وكالة الأدوية الأوروبية (وهي النسخة الأوروبية من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية) في المستقبل القريب بتقييم هذا اللقاح، وإذا ما جاءت النتائج لتكون إيجابية، سيكون بإمكان منظمة الصحة العالمية حينها أن تبدأ بالتوصية باستخدام اللقاح في جميع أنحاء العالم في وقت مبكر من شهر تشرين الأول.