نستخدم كل يوم منتجات سهلت حسنت من جودة حياتنا وسهلتها، مثل فرن الميكروويف. ولكن صدق أو لا تصدق، فإن الكثير من هذه الاختراعات البارعة التي تسمح لنا بأن نعيش حياتنا خالية من المتاعب لم تكن بحث عميق لحل مشكلة ما، بل تم إنشاؤها بالكامل عن طريق الصدفة.
نعم، يجب أن نشكر الصدفة على كمية مذهلة من الأشياء في حياتنا، بدءًا من رقائق البطاطس اللذيذة إلى عقار البنسلين المنقذ للحياة.
تعتبر الاختراعات التي يتم اكتشافها عن طريق الصدفة من أبرز الظواهر التي تؤثر في حياتنا بشكل جوهري. فعلى مر العصور، كانت هناك العديد من الاختراعات الهامة التي نشأت بفضل الصدفة، والتي غيرت مجرى التاريخ وأحدثت ثورة في مختلف المجالات. في هذا المقال سنتحدث عن بعض هذه الأختراعات.
1- فرن الميكروويف
اختراع الميكروويف يرجع إلى العالم الأمريكي سبنسر سيلفر في عام 1945. كان سيلفر يعمل في شركة رايثيون (Raytheon)، وهو يدرس تأثير الأمواج اللاسلكية على الرادارات المستخدمة في الحرب العالمية الثانية. في أحد الأيام، وأثناء عمله على مشروع الرادار، لاحظ سيلفر أن حلوى الشوكولاتة التي كانت في جيبه بدأت تذوب. فكان يشعر بالدهشة من هذا الحدث غير المتوقع والغريب. لم يستغرق وقتًا طويلاً حتى أدرك سيلفر أن الأمواج اللاسلكية التي كان يستخدمها في تجاربه لها تأثير على الطعام. استمر سيلفر في إجراء التجارب والأبحاث، حيث قام بتجربة أخرى باستخدام حبة الذرة الجافة، واكتشف أن الذرة تنفجر وتصبح الفشار عند تعرضها للأمواج اللاسلكية. استنتج أن الأمواج اللاسلكية تولد حرارة تسبب تسخين الطعام. بناءً على هذه الاكتشافات، قرر سيلفر تطوير جهاز يستخدم الأمواج اللاسلكية لتسخين الطعام بشكل سريع وفعال. تم تطوير جهاز الميكروويف الأول بواسطة فريق سيلفر في عام 1945، وكان يسمى “رادارنج” (Radarange). وقد تم عرضه لأول مرة في عام 1947. تم تطوير تقنية الميكروويف لتجاريتها في الأعوام التالية، حيث أصبحت الأجهزة الميكروويف متاحة للاستخدام العام في الأسر والمطاعم والمؤسسات الأخرى. ومنذ ذلك الحين، أصبحت أجهزة الميكروويف جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، حيث تستخدم لتسخين الطعام وإعداد الوجبات بسرعة وسهولة.
2- الأصابع المثلجةالبوبسيكلز (Popsicles)
صدق أو لا تصدق، لم يكن مبتكر المصاصة سوى صبي يبلغ من العمر 11 عامًا يُدعى فرانك إيبرسون.
ابتُكِرت ثلجات البوبسيكلز أو الأصابع المثلّجة عن طريق الصدفة في عام 1905 في الولايات المتحدة. قصة اكتشافها تعود إلى صبي صغير يُدعى فرانك ، يبلغ من العمر 11 عامًا، والذي عاش في مدينة سان فرانسيسكو. في يوم حار من صيف عام 1905، قام فرانك بخلط مسحوق الشراب الغازي “صودا ” مع الماء في وعاء صغير، ووضعه في الهواء الطلق بالخطأ.
لكنه لم ينتبه للوعاء لفترة، وعندما عاد لاحقًا، اكتشف أن المحلول قد تجمّد وأصبح مثلجًا. قام بتجربة الشراب المثلّج بواسطة عصاة خشبية، وأعجب بالنتيجة. قرر أن يقدم هذه الاكتشافات الجديدة في حديقة الحي الخاصة به، حيث نالت هذه الأصابع المثلّجة إعجاب الجميع.
فرانك سمّى هذه الأصابع المثلّجة “إيس بوبس”، وقام بطلب براءة اختراع لها في عام 1923. ومنذ ذلك الحين، أصبحت ثلجات البوبسيكلز منتجًا شهيرًا ومحبوبًا في جميع أنحاء العالم، وتأتي بمجموعة متنوعة من النكهات والألوان.
3- منظم ضربات القلب القابل للزرع
اخترع ويلسون جريتباتش، أستاذ الهندسة المساعد في جامعة بوفالو، جهاز تنظيم ضربات القلب عن طريق الخطأ في عام 1956. عند العمل على معدات البناء التي تهدف إلى تسجيل أصوات القلب، استخدم العالم الترانزستور الخطأ واكتشف أنه بدلاً من تسجيل الأصوات، أصدر جهازه نبضًا كهربائيًا يحاكي نبض القلب. قدم ويلسون اختراعه إلى ويليام شارديك الجراح في مستشفى إدارة المحاربين القدامى في Buffalo، في عام 1958، وتمكن الاثنان معًا من التحكم في نبضات قلب الانسان بنجاح في عام 1960.
4- الاشعة السينية (The X-ray)
اكتشف العالم الألماني ويلهلم كونراد رونتغن الأشعة السينية في عام 1895 .
رونتغن كان يقوم بأبحاث على الأشعة الكاثودية، التي تنبعث من أنبوب فراغي مملوء بالغاز، وكان يستخدم مواد مختلفة لحجب هذه الأشعة ودراسة تأثيرها. خلال تجاربه، لاحظ رونتغن وجود ظل لجسم صلب على شاشة ضوئية بعد وضع يده بين مصدر الأشعة الكاثودية والشاشة.
استدل رونتغن من خلال هذا الاكتشاف أن هناك أشعة مجهولة تمر عبر المواد وتتفاعل مع الأجسام الصلبة. وبعد دراسة مستفيضة وتجارب إضافية، أكد رونتغن أن هذه الأشعة الجديدة هي ما أطلق عليها اسم “الأشعة السينية” تكريمًا للحرف اللاتيني X الذي يرمز للغير معروف.
بعد اكتشاف رونتغن، تم استكشاف وتطوير تطبيقات الأشعة السينية في مجالات متعددة، بما في ذلك الطب والعلوم والصناعة. وقد أسهمت الأشعة السينية بشكل كبير في تشخيص الأمراض وفهم الهياكل الداخلية للجسم البشري والكشف عن العديد من الحالات والمشاكل الصحية.
اقرأ ايضًا
نظام MSX تاريخ بدايته ونهايته … وإحيائه المفترض!
الكشف عن منصة احتيالية انتحلت مسميات منشآت مالية وحكومية
5- عقار البنسيلين (PENICILLIN)
اكتشف عقار البنسلين عن طريق الصدفة في عام 1928 من قبل العالم البريطاني ألكسندر فليمنغ. وفي ذلك الوقت، كان فليمنغ يعمل كباحث في مجال البكتيريا في معهد سانت ماري الطبي في لندن.
خلال تجاربه، لاحظ فليمنغ نمو غير عادي للعفن الذي يدعى Penicillium في طبق بتري ملوث. ولاحظ أيضًا أن العفن يحتوي على منطقة حوله تخلو من البكتيريا. ومن خلال تحليله لهذه الظاهرة، استنتج أن العفن يفرز مادة تمتلك خصائص مضادة للبكتيريا.
ومن خلال تجاربه اللاحقة، تمكن فليمنغ من فصل المادة الفعّالة من العفن وتحديد أنها تنتمي إلى مجموعة البنسلينات. وتم تطوير هذه المادة لتصبح العقار المعروف باسم البنسلين.
بعد اكتشاف البنسلين من قبل فليمنغ، قام فريق من العلماء بقيادة الباحث البريطاني هاورد فلوري في عام 1938 بتطوير وتنقية البنسلين واختباره على الحيوانات والبشر. وكانت النتائج مبهرة، حيث أظهر البنسلين فعالية كبيرة في مكافحة العديد من العدوى البكتيرية.
استفاد البنسلين من التطويرات التكنولوجية في مجال الصناعة الدوائية، وبدأ إنتاجه بكميات كبيرة خلال الحرب العالمية الثانية. ومنذ ذلك الحين، أصبح البنسلين ومشتقاته جزءًا أساسيًا من العلاج الحديث للعدوى البكتيرية وساهم في إنقاذ حياة الملايين من الأشخاص.
6- رقائق البطاطس (Potato Chips)
اختراع رقائق البطاطس ليس نتيجة صدفة واحدة، بل هو نتاج عملية تطور وابتكار على مر الزمن. هنا هي القصة التي تصف كيف تم تطوير رقائق البطاطس:
في عام 1853، كانت هناك طاهي امريكي يدعى جورج كرامر في ولاية ساراتوجا بولاية نيويورك. وفي يوم من الأيام، طلب زبون منه بطاطس مقلية رفيعة جدًا. قام كرامر بتلبية طلبه وقطع البطاطس إلى شرائح رقيقة وقليها بشكل متفرد.
وبصورة غير متوقعة، أحب الزبون الشرائح الرقيقة والمقرمشة، وأصبحت رقائق البطاطس تحظى بشعبية كبيرة في المنطقة المحلية. وبدأ كرامر في تقديم رقائق البطاطس كوجبة جانبية في مطعمه.
في العقود التالية، انتشرت رقائق البطاطس في أمريكا الشمالية، وظهرت شركات تجارية تبدأ في إنتاجها بكميات أكبر. وفي عام 1920، أسست شركة فريتو لاي، التي تعرف اليوم بشركة ليز، وهي واحدة من أكبر شركات تصنيع رقائق البطاطس في العالم.
على مر الزمن، تطورت تكنولوجيا إنتاج رقائق البطاطس، وتم تطوير طرق جديدة لقطع وقلي البطاطس بشكل متساوي ومقرمش. وتم تحسين عملية التعبئة والتغليف لتحافظ على الطعم والجودة.
بالإضافة إلى ذلك، تم تطوير مجموعة متنوعة من النكهات والأصناف لتناسب تفضيلات الناس المختلفة. وأصبحت رقائق البطاطس وجبة خفيفة شهيرة ومحبوبة حول العالم.
باختصار، يمكن القول إن الاختراعات التي تنشأ عن طريق الصدفة لها تأثير كبير في حياتنا. فهي تثبت أن الفرص والاكتشافات قد تكون مخفية في الظروف العشوائية والمفاجئة. ومن خلال استيعاب هذه الاختراعات وتطبيقها، نستطيع أن ندفع حدود المعرفة والتقدم التكنولوجي إلى مستويات غير متوقعة. لذا، يجب علينا أن نكون مفتونين بالصدفة ونتائجها كفرصة لاكتشاف أشياء جديدة ومبتكرة تغير حياتنا إلى الأفضل.
المصادر:
1- https://bestlifeonline.com/accidental-inventions/
2- https://www.concordia.edu/blog/9-successful-inventions-made-by-accident.html