من المعروف ان حالة الحروب والعنف تسبب خوفا وفزعا وضغوط نفسية على الاطفال والكبار، مخ الاطفال هو في حالة نمو، والضغط النفسي والعنف يزيد من افراز هرمونات الضغط النفسي في الجسم مثل الكورتيزول، هذه الهرمونات تؤثر على عمليات تكوين الارتباطات العصبية ونمو اجزاء المخ المختلفة، وهذا التكوين المختل له اثار نفسية وسلوكية وجسدية طويلة المدى، كما ان ما يمر به الاطفال او يشاهدونه في الشرق الاوسط له نتائج فورية من انتشار القلق والغضب والحزن والاكتئاب وعدم الاحساس بالامان، هذا بالاضافة الى فقدان الاهل كضحايا والتيتم وفقدان المعيل ورعاية الوالدين ان قتلوا او اصيبوا، وهذا العنف يؤدي الى هدم البيوت والمدارس والمستشفيات ويحرم الاطفال من امان البيت والذهاب الى المدارس او العلاج، كما يتسبب العنف بتشريد الناس ولجوئهم داخليا او خارجيا وهذا يعرضهم الى ظروف صعبة جدا في اماكن غريبة وخارج الاماكن التي تحصل فيها الاسرة على عملها او دعم المحيطين بهم، وهذه الهجرة تعرض الاطفال اكثر الى الاستغلال من كل الانواع، هذا بالاضافة الى الاعاقات التي قد يتسبب بها العنف للاطفال وفي حالات كثيرة تعرضهم للقتل او الخطف.
والحرب والعنف معروف انه يضعف مكانة المرأة في المجتمع، ففي حالات الحرب يتم “تعظيم” الصفات التي تعتبر اجتماعيا ذكورية الضرورية في ارتكاب العنف باشكاله مثل القوة والقسوة والقدرة على ارتكاب العنف والقتل والتعذيب واللاعاطفية وما الى ذلك، وينظر الى الصفات التي يعتبرها المجتمع انثويه باحتقار وعلى انها اعاقة للانتصار في المعركة، ومن هذه الصفات التي تحتقر في الحرب هي الحنان والرغبة في السلام والمحبة والتعاون والعفو والرحمة والرقة والعواطف، أي حرب تزيد من الفجوة في القوة التي تفصل بين الرجال والنساء في المجتمع، وتشغل الناس عن حديث المرأة عن حقوقها او الظلم الذي قد تعانيه في المجتمع، حيث يعتبر اي حديث عن ظلم هؤلاء “الابطال الاخيار” لها هو خيانة وطعن في الظهر، فهل نسمع اليوم في اي مقالة صحفية او برنامج عن وضع المرأة ومعاناتها مع المحاربين من جلدتها في اي من المناطق المشتعلة؟!
المرأة يسمح لها ان تذكر فقط عندما تكون معاناتها دليلا على همجية “الاخر” ومعاناتها تجلب انتصارات في المعركة، والمرأة تصبح هدفا للقتل والاغتصاب وحتى الحرب النفسية التي تتهم “نساء الفريق الخصم” بابشع التهم التي تخوض في عرضهم، وفي حالة الحرب الاهلية او الدولية تصبح المرأة في موقف ضعف وقد يتم محاولة استغلال احتياجها من قبل ضعاف النفوس، ومن المعروف ان حالة العنف والحرب تنتج عن الانهيار الاخلاقي في المجتمع، ومحاولة تبرير العنف والاجرام بمسميات مختلفة والادعاءات والشعارات، كما ان حالة العنف ينتج عنها انحلال اخلاقي وانهيار شامل يشمل اجيال قادمة، في حالة الحرب القوة لمن يملك السلاح ويستخدمه، وعادة الرجال هم من يملكون السلاح ويستخدمونه، الا ترون شبابا يحمل اسلحة مختلفة من عصي وحجار الى بنادق ومدافع وغيرها من الاسلحة الثقيلة؟!
الحرب والعنف هي العملية التي يتم بها تركيز القوة في يد من يملكون السلاح وعندهم الرغبة في استخدامه، فكما ان الافلام الجنسية هي احد الادوات الاجتماعية لزيادة قوة الرجل واضعاف المرأة، فان الحرب والعنف هما ادوات اجتماعية تسمح للرجال المؤمنون باستخدام العنف بالسيطرة على المجتمع، وبذلك تترسخ ثقافة الاكراه والعنف في المجتمع ويصبح التاريخ مجرد سرد لمعارك وحروب ولا ذكر فيه لنساء او اطفال او رجال خدموا وبنوا مجتمعاتهم باسلوب سلمي، الرجولة ليست هي القدرة على العنف وايذاء الاخرين والتشبه بالحيوانات المفترسة، هذا مفهوم مرضي ضيق للرجولة لا يخدم امة بل يهدمها، ولا يبني اسرة بل يحطمها، هناك صفات كثيرة في البشر غير هذه لا بد من ترسيخها وتنميتها في الناس جميعا حتى تتطور الامم ويسعد الناس ويكون عندهم نمو نفسي وجسدي وروحي واجتماعي سليم