في عالم الهندسة المدنية، يبرز اسم الدكتور إياد مسعد، وهو أستاذ في جامعة تكساس إي أند أم في قطر، إحدى الجامعات الدولية الشريكة لمؤسسة قطر، كقائد ذي رؤية مستقبلية، حيث يركز عمله الرائد على إعادة تشكيل مفاهيم الاستدامة في مواد تعبيد الطرق والبناء، المصممة خصيصًا لتناسب الظروف المناخية السائدة بدولة قطر.
مدفوعًا بولعه بالابتكار، رسم الدكتور إياد مسارًا تحويليًا يعيد تعريف الإمكانيات في مجال تخصصه، وعن هذا يقول: “تتمحور الهندسة حول حل مشكلات العالم الحقيقي، وهذا كان دافعي دائمًا”.
فضوله وشغفه بالفيزياء شكّل بداية انطلاقة رحلته في هذا المجال التخصصي، لتقوده الرحلة صوب الفيزياء التطبيقية وهندسة المواد، قبل يستقر تركيزه على الهندسة المدنية في آخر المطاف.
كما أن خبرة الدكتور إياد الواسعة تضعه في طليعة قطاع حيوي، حيث كان له إسهام وازن في إحداث أثر مباشر على تطوير المواد ومواصفاتها واستدامتها والأداء العام للبنية التحتية الحيوية.
والجدير بالذكر أن انضمام الدكتور إياد إلى جامعة تكساس إي أند أم في قطر شكّل نقطة تحوّل مهمة في مسيرته المهنية، حيث انصب التركيز الأساسي للفريق على تطوير مواد مبتكرة تستخدم في تعبيد الطرق وتشييد المباني، مع الحرص على إيلاء أهمية كبرى بالاستدامة من خلال دمج المواد المعاد تدويرها.
اعتمد فريق الجامعة مقاربة مبتكرة شملت تقنيات بناء الطرق والتصميم والطباعة ثلاثية الأبعاد للمباني، وغيرها، مما قاده إلى تحقيق إنجازات مهمة، علاوة على نشر بحوث عالمية، وتطوير براءات اختراع في مختلف مجالات مواد البناء والبنية التحتية.
يستمد الدكتور إياد شغفه البحثي من التزامه الراسخ ببذل كل الجهود في سبيل تقدّم دولة قطر، وهو يتذكر باعتزاز المراحل الأولى من نمو البنية التحتية في قطر، وهو النمو الذي عززه الدعم الحكومي القوي والشراكات المثمرة ذات الصلة. وشملت أوجه هذا التعاون هيئة الأشغال العامة ووزارة البيئة والتغير المناخي والقطاعات التي تدعم الابتكار في مجال البناء والمواد – وكلها شراكات كان هدفها الأساسي تعزيز التطور اللافت الذي حققته البلاد.
تربط الدكتور إياد بقطر علاقة عميقة تمتد إلى ما هو أبعد من المجال الأكاديمي، فما بدأ كخطة تنتهي بعد عام واحد تحوّل ليصبح التزامًا مُخلِصًا دام 15 عامًا. وقد تماشت النهضة العمرانية السريعة في قطر، خاصة في إنشاءات البنية التحتية، مع مهارات فريقه وتطلعاته، مما أثمر إنجازات مهمة توّجها اعتراف عالمي في السياق العربي، وهو الإنجاز الذي كان يبدو قبل سنوات أمرًا بعيد المنال.
ويؤكد فخر الدكتور إياد بمجموعته البحثية المتميزة أيضًا أهمية النجاح على أرض الوطن: “معظم مشاريعنا تتضمن تبادل الطلاب والباحثين. ونتيجة التجربة الثرية والملهمة التي عاشوها، اختار الطلاب العرب قضاء بعض الوقت في قطر. ولا يقتصر التعاون على الطلاب، بل يشمل أيضًا الخبراء، مما يعزز التواصل وبناء العلاقات على المستوى الدولي”.
ويتابع: “عندما ينجح شاب عربي، تكون نتيجة ذلك إحداث تغير مؤثر – فالنجاح يمتد إلى ما هو أبعد من الفرد، ليطال المجتمع بأكمله. وهذا التمكين الجماعي يخلق بيئة مزدهرة”.
يساهم الشباب العربي الذين يدرسون مع الدكتور إياد في بناء مجتمع ناجح والتأثير على أقرانهم لتحقيق إنجازات مماثلة، وهو ما يبيّنه الدكتور إياد: “حتى في الخارج، يدفع نجاحنا الآخرين إلى السؤال حول الإنجازات العربية” ويضيف: “الأثر الاقتصادي هائل. وأظن أن لدى جميع زملائنا العرب رغبة وطموحًا لمشاركة إنجازاتهم”.
يتذكر الدكتور إياد ذلك الشعور الغامر الذي انتابه عندما وصل إلى قطر لأول مرة، وارتباطه الوجداني العميق بالوطن العربي، هو الذي جعله يشعر بالراحة والعرفان في قطر. أما الترابط الذي يتقاسمه مع الطلاب فهو عميق بالقدر نفسه، مما يكرّس التزامه بتقدمهم.
ومع أن الدوافع الشخصية والمهنية كثيرًا ما تكون مختلفة، فإن تجربة الدكتور إياد تؤكد على التلاحم بينهما، فما ابتدأ بخطة أراد منها قضاء عام أو اثنين في بلد عربي بهدف توفير تجربة ثقافية أصيلة لأطفاله، سرعان ما نمى وتطور إلى شعور غامر بالانتماء والكثير من الإنجازات المهنية.
هذا الانسجام والتناغم ما بين الشخصي والمهني ما كان ليتحقق لولا البيئة الداعمة التي توفرها دولة قطر، التي تجعل أفرادها ينسون الشعور بالغربة والتعلّق بالوطن الأم، وتتيح في الوقت نفسه فرصًا شتى للتحصيل الأكاديمي.