تعتبر بطاريات أيونات الليثيوم من أكثر أنواع البطاريات انتشاراً، فهي تمد أغلب أجهزتنا الإلكترونية الحالية بالطاقة، ولكن هذه البطاريات تحتاج إلى تحسين في حال أردنا استعمالها لشحن السيارات الكهربائية أو لتخزين الطاقة الكهربائية في شبكات الكهرباء، لذا قام الباحثون في مختبر بيركلي بتطوير فهمهم لآلية عمل الكهارل السائلة (الكهرل أو الإلكتروليت هو أي مادة تحتوي على أيونات حرة تشكّل وسطاً ناقلاً للكهرباء)، واستطاعوا إيجاد طريقة لتحسين بطاريات الليثيوم، حيث وجد الفريق الذي يعمل بقيادة الكيميائي (ريتشارد سيكالي)، بأن نموذج كهارل الليثيوم الذي صنعوه حقق نتائجاً مذهلة في امتصاص طيف الأشعة السينية.
تعتبر بطاريات أيونات الليثيوم والتي تسمى اختصاراً (LIB) من أعظم اختراعات القرن العشرين، فهي حالياً تمثل صناعة تقدر بمليارات الدولار، وتستخدم لإمداد أغلب الأجهزة الالكترونية بالطاقة مثل الهواتف الخلوية، والأجهزة اللوحية، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وغيرها من الأجهزة الإلكترونية الصغيرة الحجم، ومع ذلك، فإن أوجه القصور في هذه التقنية تعتبر خطيرة، فمثلاً تعتبر هذه البطاريات مرتفعة التكاليف، كما أنها لا تستطيع تخزين ما يكفي من الطاقة، فضلاً عن أنها تحتاج إلى أوقات شحن طويلة، ولا تستمر لدورات شحن طويلة (دورة الشحن هي عملية شحن البطارية وتفريغها)، وإن هذه المشاكل أعاقت استخدام بطاريات الليثيوم في السيارات الكهربائية، وفي النظم الكهربائية التي تعتمد على تخزين الطاقة مثل النظم الكهربائية المعتمدة على طاقة الرياح وعلى الطاقة الشمسية.
على الرغم من أنه أصبح من الواضح أن صناعة بطاريات الليثيوم أصبحت بحاجة إلى تحسينات على الكهرل السائل في حال تم الاعتماد على هذه البطاريات في السيارات الكهربائية أو في مجل تخزين الطاقة واسع النطاق، إلا أن القائمين على هذه الصناعة ركزوا معظم بحوثهم على الأقطاب والكهارل الصلبة، وكانت المشكلة لديهم بشكل عام هي عدم وجود المعدات المطلوبة لإجراء البحوث، وخاصة معدات التحليل الطيفي للأشعة السينية.
يوضح (سيكالي) بأن أهم عملية تتم في بطاريات الليثيوم هي عملية انتقال أيونات الليثيوم بين الأقطاب الكهربائية، فبطاريات الليثيوم التجارية تحتوي على كهرل سائل يضم ملح الليثيوم المنحل في مذيب من ألكيل الكربون، وهناك خلاف بين صانعي البطاريات على طبيعة مذيب أيونات الليثيوم، لأن عدم انحلال الأيونات عندما تنتقل داخل القطب السالب، يحد من الطاقة الكهربائية التي يمكن للبطارية أن تولّدها، وكانت معظم الدراسات السابقة التي استخدمت المحاكاة الحاسوبية لتحديد أفضل نوع من الكهارل السائلة للاستخدام في بطاريات الليثيوم، تشير إلى أن أفضل كهرل يمكن استخدامه في بطاريات الليثيوم هو مذيب بهيكل رباعي السطوح (Tetrahedral Solvation)، ولكن الأبحاث التي قام بها (سيكالي) وفريقه بيّنت أن أفضل مذيب يحمل رقم انحلالي 4.5، وهيكل هذا المذيب ليس رباعي السطوح.
إن الذي توصل إليه فريق البحث يتناقض مع العديد من الدراسات النظرية السابقة التي أشارت إلى أن أفضل هيكل للكهرل هو هيكل رباعي السطوح مع رقم انحلالي بين الـ 2 أو 3، وذلك اعتماداً على معدل اقتران الأيونات، على عكس النتائج التي جاء بها الفريق، والتي تشير بأن النماذج الحسابية في المستقبل يجب أن تتجاوز الهياكل رباعية السطوح، لتصميم كهارل تعمل بأفضل أداء ممكن.
قام (سيكالي) وفريقه بصناعة جهاز جديد يعمل على مزج عينتين سائلتين بسرعة كبيرة، ويتدفق السائل الناتج من خلال فوهة صغيرة جداً لا يتجاوز قطرها بضعة ميكرومترات مصنوعة من السيليكا (ثنائي اكسيد السيليكون)، وهذا السائل يقطع بضعة سنتيمترات ضمن فراغ موجود بالجهاز، ومن ثم يتقاطع مع الأشعة السينية، ومن ثم يتم جمع السائل وتكثيفه وإخراجه، وتم استخدام هذا الجهاز الجديد لقياس الامتصاص الطيفي للأشعة السينية في رباعي فلوروبورات الليثيوم الموجودة في كربونات البروبلين، حيث ساعدهم هذا الاختبار على تحديد الفراغات الكهربية الموجودة في المركب، وذلك لمعرفة مدى الطاقة الكهربية التي يمكن للمركب أن يولّدها في بطاريات الليثيوم، وبناء عليه توصل العلماء للنتائج السابقة.