كنت الساعة بعد الواحدة والنصف ظهراً بقليل حين أخرج الموظف في شركة أوكوتا كورب في اليابان وسادته من درج مكتبه ووضعه عليه، ثم أسند عليها رأسه ونام، بينما يستمر الدق على لوحات المفاتيح من الموظفين حوله أمام شاشات حواسيبهم المضاءة بشكل طبيعي جداً.
لم يكن الرجل يتهرب أو يختلس لحظات من الراحة أو شيئاً من هذا القبيل، بل كان بكل بساطة يطبق نظام الشركة “نظام القيلولة”، والذي يمنح الموظفين حق القيلولة.
وفي الآونة الأخيرة ازدادت الشركات التي تسمح لموظفيها بالنوم أثناء العمل، فقد وجدوا أن هذا يزيد كفاءة أدائهم ويقلل الأخطاء التي يرتكبونها بتخفيفه للدوار والإجهاد، مثل شركة أوكوتا التي كانت قد بدأت هذا النظام منذ سنتين كي ترفع كفاءة موظفيها.
لا توجد طريقة رسمية لأخذ القيلولة، القاعدة بسيطة، حين تبدأ في الشعور بالدوار، شُدَّ أقرب وسادة وضع رأسك عليها واحصل على قسط من الراحة لمدة تتراوح بين 15 إلى 20 دقيقة، ومعظم الموظفين استخدموا هذا النظام، بل إنه وفوق ذلك أصبحت جزء رسمياً من برنامج الندوات والاجتماعات الطويلة حيث كانت تعطي استراحة بعد الظهر، فقط لهذا الغرض، أن ينام الموظفون بعض الوقت.
تقول ايكوكو يامادا الموظفة في قسم المحاسبات أنها حينما تكون نعسانة أو مجهدة فعندما تستخدم الآلة الحاسبة تكرر نفس العملية مرتين للتأكد، ثم تردف أن هذا بالتأكيد يبتلع الوقت ويؤخر إنتاجية الموظفين، فبالتأكيد موظف مرتاح ومنتعش أكثر إنتاجية من موظف نعسان يسقط رأسه كل دقيقتين على كتفيه، ففي الولايات المتحدة وحدها يكلف الدولة نعاس الموظفين حوالي 63.2 بليون دولار بحسب ما قال باحثون.
وهذا الأمر لا يكلفنا المال فحسب، بل يكلفنا أرواحاً، ففي أبريل الماضي تسبب سائق قطار نائم في حادثة كبيرة في مطار أوهير الدولي أصيب فيها ثلاثون شخصاً، ولحسن الحظ أن أحداً لم يمت، كما أنه لا توجد شركة تستطيع تحمل التكلفة المادية التي يتم صرفها للضحايا في هذه الأحوال.
وبالطبع، فإنه من الأفضل تبديل الوقت الذي يضيعه الموظفون في إعداد القهوة أو التشاغل بالكلام مع الآخرين أو حتى الشات عبر الإنترنت من أجل أن يبقوا عيونهم مفتوحة لمقاومة النعاس، بـ20 أو 30 دقيقة من القيلولة التي تعيدهم منتعشين وقادرين على التركيز والعطاء.
يقول مدير شركة أخرى لاستشارات الإنترنت في أوساكا في اليابان “تشعر فجأة أن قراراتك تصبح أبطأ؟ أو أنك لا تستطيع أخذها بشكل مناسب؟ ربما هذا لأنك تشعر بالنعاس، جدد نفسك بقيلولة، كي تشعر بالانتعاش ثانية.”
في شركات أخرى تطور الأمر أكثر، فليس فقط أنها سمحت بأخذ قيلولة، بل إنها وفرت أماكن خاصة لنوم الموظفين، وكراسٍ خاصة بدل أن يناموا بشكل غير مريح على مكاتبهم، منها شركة كبيرة وعريقة مثل جوجل، وشركة بروكتر وجامبل.