يضيف عالم الأعصاب بيتر رولفسيما أمل للمكفوفين حيث يمكن لأبحاثه أن تساعد في نهاية المطاف الأشخاص الذين فقدوا بصرهم.
هدف البحث :
يعد الهدف الرئيسي لأبحاث عالم الأعصاب بيتر رولفسيما هو تطوير جهاز لإعادة البصر البدائي للأشخاص الذين ماتت أعصابهم البصرية ،عن طريق إنشاء طرف اصطناعي بصري للدماغ .للمساعدة في تحقيق هذا الهدف، يتعاون مختبر بيتر رولفسيما في المعهد الهولندي لعلم الأعصاب في أمستردام مع كل من جراحي الأعصاب وباحثي الذكاء الاصطناعي.
ملخص البحث :
يشير هذا البحث إلى إضافة أقطاب كهربائية (والأقطاب الكهربائية هي مجرد كلمة أخرى للأسلاك) للدماغ حيث تم استخدام 1000 منهم وتحفيز هذه الاقطاب الكهربائية فى الدماغ لأنشاء رؤية اصطناعية.
نبذة مختصرة عن كيفية الرؤية :
تعمل جميع الأجزاء المختلفة من عينيك معًا لمساعدتك على الرؤية. عندما ننظر إلى جسم ما، ينعكس الضوء منه في أعيننا، مما يمكننا من الرؤية. يدخل الضوء عبر القرنية (cornea)، والتي تعمل مثل نافذة في مقدمة العين. يتم التحكم في كمية الضوء التي تدخل العين بواسطة الحدقة (pupil)، والتي تحيط بها القزحية (iris) الجزء الملون من العين. عندما تكون القرنية (cornea) منحنية، فإنها تنحني الضوء الذي يدخل العين، مما يخلق صورة مقلوبة على شبكية العين (retina) . شبكية العين جزء معقد من العين، ومهمتها هي تحويل الضوء إلى إشارات حول الصور التي يمكن للدماغ فهمها.
يعمل دماغنا مع أعيننا لمعالجة المعلومات التي نراها وتحويلها إلى صور يمكن التعرف عليها. يساعد الجزء الشبيه بالقرص الصافي من العين المسمى بالعدسة (lens) على تركيز الضوء على شبكية العين. مجرد أن تركز الصورة بوضوح على الجزء الحساس من شبكية العين، فإن الطاقة في الضوء الذي يشكل تلك الصورة تخلق إشارة كهربائية ( electrical impulse). يمكن للنبضات العصبية بعد ذلك نقل المعلومات حول تلك الصورة إلى الدماغ عبر العصب البصري (optic nerve)، وهو عبارة عن مجموعة من أكثر من مليون ليف عصبي. عندما تنحني القرنية للضوء عندما تدخل العين، يتلقى الدماغ صورًا مقلوبة رأسًا على عقب، لذلك يقلبها بالطريقة الصحيحة لأعلى عندما يعالج المعلومات.
ما حول البحث :
تحدث عالم الأعصاب بيتر رولفسيما عن هذا البحث فى بودكاست Tales From the Synapse وهي سلسلة بودكاست تركز على علوم الدماغ صنعته Nature Careers بالشراكة مع Nature Neuroscience ، ويقدمه جان ماري كبير المحررين في مجلة Nature Neuroscience.
بيتر رولفسيما هو مدير المعهد الهولندي لعلم الأعصاب في أمستردام، وأيضًا أستاذ في المستشفى الطبي بجامعة أمستردام، وفي جامعة أمستردام الحرة.
قال بيتر رولفسيما ” لقد درست الدماغ البصري منذ سنوات عديدة، وأردت دائمًا معرفة ما سيحدث إذا بدأت حقًا في فهم ما تراه. لأنه في الواقع، ما تراه هو العديد من عناصر الصورة الصغيرة التي تقع على شبكية العين (retina) . ولكن بعد ذلك عليك أن تجمع ذلك معًا في تمثيل للأشياء العديدة التي قد تحيط بك. وهذا موضوع رائع للغاية. لذلك درست ذلك لسنوات عديدة. وفي العامين الماضيين، وجدنا أنفسنا نزرع عددًا متزايدًا من الأقطاب الكهربائية في دماغ حيوانات التجارب.وفي مرحلة ما، أدركنا أننا في مثل هذا العدد المرتفع، المئات، دعونا نكثفه قليلاً. لذلك ذهبنا إلى 1000، وبفكرة تحفيز تلك الأقطاب الكهربائية سيتم إنشاء رؤية اصطناعية.”
قال رولفسيما ايضا : “نحن على دراية بكيفية وضع الأقطاب الكهربائية في الدماغ، لكننا نتعاون مع الخبراء الذين يعرفون كيفية صنع هذه الأقطاب الكهربائية حتى لا تتلف أنسجة المخ كثيرًا، أيضًا مع الأشخاص في الذكاء الاصطناعي الذين يمكنهم التقاط صور الكاميرا وترجمتها إلى أنماط تحفيز الدماغ. نتعاون أيضًا مع جراحي الأعصاب الذين يمكنهم إبلاغنا بكيفية صنع هذا الجهاز حقًا وجعله شيئًا ليكون ممكنًا لجراح الأعصاب لزرعه حقًا في الدماغ ،لأن هذا بالتأكيد هدف مهم جدًا بالنسبة لي، لجلب هذا إلى مريض. “
تفاصيل أكثر عن البحث:
قام رولفسيما وفريقه بدراسة سابقة ووجدوا أن عند وضع قطب كهربى واحد بالدماغ ،وتحفيز هذا القطب فإنك تقوم بتنشيط خلايا الدماغ هذه التى بالقرب من طرف القطب الكهربائي ، و عند تطبيقه على شخص أو حيوان تجريبي (يمكن أن يكون شخصًا أعمى لأكثر من 10 سنوات) سيتمكن من رؤية نقطة من الضوء. وهذا مع قطب كهربائي واحد فقط.
سيقوم رولفسيما وفريقه فى هذا البحث بزرع أعداد متزتيدة من الأقطاب الكهربائية، 1000 قطب كهربائي، حيث يمكنهم إنشاء 1000 من هذه النقاط من الأضواء. وحيث أنهم يقوموا بزرع هذه الأقطاب فى منطقة القشرة البصرية ( the visual cortex )، التى لديها خريطة للمكان الخارجى الذى يراه الأنسان، فإن هذه النقطه من الضوء تحفز مكان ما فى الخريطه هو نفس المكان فى العالم البصرى الخارجى . لذا إذا كان لديك 1000 ، يمكنك العمل معهم بشكل أساسي مثل لوحة المصفوفة، والكتابه بشكل أساسي إلى لوحة المصفوفة هذه الموجودة في الدماغ، ورؤية ما إذا كانت الحيوانات قادرة على التعرف عليها.
قاموا بنشر دراسة في عام 2020 .حيث قاموا بتدريب القرود بصريا على التعرف على الرسائل. وهكذا علموهم أنهم إذا رأوا الحرف A فسيتعين عليهم القيام بحركة العين إلى فوق. وإذا رأوا الحرف B يحركوا العين إلى اليسار، وهكذا. في مرحلة ما، أخذوا التحفيز البصري بعيدًا، وكتبوا الحرف A مباشرة إلى الدماغ. وكانوا متحمسين للغاية لاكتشاف أن القرود بالفعل يقدمون نفس الاستجابة.
لذا فإن الإجراءات البصرية للجهاز ستتكون من عدة مكونات الأول هو كاميرا. لذلك هناك الآن العديد من الشركات التي تصنع نظارات التي تحتوي على كاميرا. ويتم إرسال صور الكاميرا هذه إلى جهاز كمبيوتر صغير. يمكن أن يكون بحجم الهاتف موجود بشريحه توضع بالدماغ . وهذا سيأخذ صورة الكاميرا ويخلق منها نمطًا ليكون منشورًا على لوحات المصفوفة في الدماغ. وهذا يعطي شكلاً بدائيًا من الرؤية. لذلك لن تستطيع رؤية اللون الكامل،أو العمق الكامل كما تمنح الرؤية العادية. ستكون الرؤية بدائية للغاية، لكنها على الأرجح ستكون أفضل بكثير من لا شيء.
يمكنك أيضًا توجيه سلوكك الحركي لتحسين نتائج الرؤية وهناك مناطق دماغية أخرى تشارك في ذلك. حيث أن هذه المناطق فى الواقع يحددون ما تلمسه أصابعك . فإذا كنت تريد التقاط شيء ما ، فأنت بحاجة إلى أن تلمس أصابعك الشيء الذي تريد التقاطه.
تطلعات مستقبلية :
أفصح رولفسيما أن الخطوة المنطقية التالية هي التفكير فى الحصول على الأقطاب الكهربائية في كل مكان في منطقة القشرة البصرية ( the visual cortex )،التي تبلغ مساحتها 25 سم مربع على اليسار، و 25 سم مربع أخرى على اليمين، لذلك هذا أحد التحديات الكبيرة التي يفكرون فيها. حيث إذا قمت بتغطية جزء صغير فقط من الخريطة بأقطاب كهربائية، فسيكون الأنسان قادرًا على الرؤية فقط في منطقة صغيرة من المجال المرئي، وسيكون أعمى في جميع المواقع الأخرى. هذا غير مرغوب فيه تمامًا.
والتحدى الاخر هو إنشاء واجهة مع الإلكترونيات في الدماغ ذات طول العمر الكافي. حيث أنهم في الوقت الحالي يستخدموا ما يسمى بمصفوفات قطب جوتا الكهربائي ( Juta electrode arrays) . لذا فهذه مصفوفات من السيليكون الصلب، تعمل عادة لمدة عام، ربما لفترة أطول قليلاً. فعليهم إيجاد مواد إلكترونية لها عمر كافٍ. فإذا قمت بزرعها اليوم، فستظل تعمل، على سبيل المثال، في غضون خمس سنوات، أو 10 سنوات، أو حتى 15 عامًا.
وأنهى رولفسيما حديثه ” لذلك يجب أن أشرح لأولئك الأشخاص الذين يتصلون بي، هذا ليس جهازًا معتمدًا سريريًا. لذا فهو بحث. وسيكون طموحنا هو الذهاب إلى البشر في خلال، عامين، أو ربما بعد ذلك بقليل. لكن في هذه الحالة، سيظل البحث. لذلك لا تتوقع منا علاجًا في السنوات الخمس القادمة. إنه مجرد بحث. وبالطبع، فإن البحث مهم جدًا لأنه سيساعدنا في اتخاذ الخطوة التالية، والتوجه نحو جهاز معتمد سريريًا. “
المصادر
1- https://www.nature.com/articles/d41586-023-00819-2
2- https://www.sightsavers.org/protecting-sight/how-do-the-eyes-work/
.