كانت الساعات والنظارات تعتبر من التكنولوجيا القابلة للارتداء قبل فترة طويلة من أن يولد كبار المسوقين الذين حلموا بهذا المصطلح، ولكن الآن وبعد أن أصبحت بعض هذه الأجهزة مزودة بأدوات تتيح لمرتديها رصد وتسجيل مختلف أشكال حياتهم وبشكل مستمر، فإن العديد من خبراء التكنولوجيا بدؤوا يتساءلون ماذا يمكن لهذه البيانات المتولدة عن هذه الطرق أن تقدمه؟ وكيف يمكن استخدامها في مجالات مختلفة؟
انطلاقاً من هذه الفكرة جاء أحد الخبراء وهو (خافيير هرنانديز) من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وأشار بأنه يعتقد بأن ساعات أبل، ونظارات جوجل وغيرها من التكنولوجيات المماثلة قد توفر حلاً لمشكلة تضخم كلمات المرور.
منذ فترة طويلة، أصبحت كلمات السر البالغة التعقيد لعنة الحياة المعاصرة، حيث أن عدم استخدامها بشكل متكرر، يجعل من تذكرها أمراً أقرب إلى المستحيل، لذلك عادةً ما يتم تدوينها لتفادي مشكلة تعقيدها، وعلى الرغم من وجود طريقة أخرى لتجنب ذلك، وهي استخدام الخصائص الجسدية الفريدة من نوعها، والتي تعرف باسم القياسات الحيوية للتعرف على الأشخاص، مثل استخدام البصمة ومسح القزحية، إلّا أن هذه الطريقة تتطلب وجود معدات خاصة، وهنا يأتي عمل السيد (هرنانديز) ليقدم بديلاً لا يعتمد على تخطيط زفن القلب.
تخطيط زفن القلب، هو دراسة حركة الجسم التي تستجيب لنشاط القلب، حيث أنه في كل مرة يدق فيها قلب الشخص، يحدث تحول بسيط في جسمه، ويبدو بأن تفاصيل هذه التحولات تكون مختلفة من فرد إلى آخر، لذلك يتساءل السيد (هرنانديز) فيما إذا كانت أجهزة قياس التسارع التي يتم تركيبها على الأشياء مثل الساعات الذكية يمكن أن تكون قادرة على الكشف عن تحولات تخطيط زفن القلب، وبالتالي توليد نوع جديد من الأجهزة البيومترية، وتبعاً لما أفاد به (هرنانديز)، فإن هذا الأمر يبدو ممكناً.
للتأكد من إمكانية القيام بذلك، قام (هرنانديز) وزملائه بالعمل مع مجموعة من طلاب الدراسات العليا، وطلبوا من كل متطوع أن يقوم بالوقوف، والجلوس والاستلقاء أثناء ارتدائه إما لجهاز قياس يوضع على الرأس، أو لجهاز قياس يتم ارتداؤه على المعصم، بغية جمع البيانات التي ينتجها الجسم استجابة لهذه الحركات، وبعد ذلك قام الفريق بإدخال هذه البيانات (أو بالأحرى 80% منها) إلى برنامج تم تصميمه خصيصاً للكشف عن القراءات الفردية في هذه البيانات، وبمجرد أن قام البرنامج باستيعاب البيانات واستخلاص استنتاجات لها، قام الفريق بإدخال الـ20% من البيانات المتبقية، لمعرفة ما إذا كان يمكن تحديد تلك القراءات الفردية من جديد، وتحديد المشاركين الذين تعود إليهم هذه القراءات بشكل صحيح.
بينت النتائج أن البرنامج قد استطاع بالفعل تمييز المشاركين من القراءات بشكل صحيح، فعندما كان المشاركين في وضعية الاستلقاء، كان البرنامج قادراً على التعرف عليهم من القراءات بنسبة 94%، ولكن عندما كانوا جالسين أو واقفين كانت نتائج البرنامج أقل موثوقية، حيث أنه استطاع التعرف على هوياتهم بشكل صحيح بنسبة 86% و 72% على التوالي.
يشير (هرنانديز) بأنه على الرغم من أن نتائج القراءات لم تكن مثالية بما فيه الكفاية في وضعيتي الجلوس والوقوف، ولكن هذه النتائج تقدم نقطة معقولة للانطلاق منها، وإذا كان بالإمكان صقل هذه التقنية، فإنه سيكون بالتأكيد ابتكار عملي للغاية.
إن معظم التكنولوجيات القابلة للارتداء والتي يتم تصنيعها في هذه الأيام، تمتلك القدرة على بث نتائجها إلى العالم الخارجي لاسلكياً، لذلك فإن الاحتفاظ بنسخة مشفرة من هذا القراءات في ملفات كتلك المستخدمة لتسجيل كلمات السر سيكون مسألة بسيطة، ولكن من أجل تسجيل الدخول، قد يكون على الشخص أن يرتدي جهازاً مناسباً وقد يضطر أيضاً إلى بذل جهد أكبر بقليل من البقاء جالساً أمام جهاز الكمبيوتر الذي يريد الدخول إليه، لذلك إذا ما شاهدت أحد زملائك في المستقبل القريب وهو مستلق أمام كمبيوتره المحمول، فإنه هذا قد لا يعني بالضرورة أنه ينام أثناء العمل.