كشف العلماء من (معهد سالك) الطبي، بأن الخلايا العصبية الجلدية، تتصرف بشكل غريب في مراحل النمو المبكر لدى مرضى الفصام ، وقام الباحثون بتقديم أدلة قد تؤدي إلى الكشف المبكر وعلاج مرض الفصام، حيث أوضحت الدراسة، التي تم نشرها في مجلة الطب النفسي ، بأن الخلل العصبي الذي يؤدي إلى الفصام، من الممكن أن يكون قد بدأ في دماغ الجنين.
يقول البروفسور (فريد كايج) أستاذ علم الوراثة في معهد سالك، بأن الدراسة تهدف إلى تقصي أولى التغيرات التي تحصل بالدماغ والتي تقود إلى الفصام، وحقيقة الأمر بأن الباحثين تفاجئوا بالوقت المبكر الذي يستطيعون خلاله الكشف عن الخلل الذي يصيب الجهاز العصبي في مرض الفصام.
حتى الآن، العلماء يقومون بدراسة مرض الفصام عن طريق فحص أدمغة الجثث؛ ولكن التقدم بالعمر، والإجهاد، والأدوية، أو تعاطي المخدرات، كل هذه الأسباب قد تتلف الدماغ ، بحيث يصعب على العلماء تحديد الوقت الذي بدء فيه الخلل العصبي بدقة، ولكن العلماء في معهد (سالك) استطاعوا التغلب على هذه العقبة عن طريق استخدام تقنية الخلايا الجذعية، حيث قاموا بأخذ خلايا جلدية من مريض بالفصام، وأجبروها على العودة إلى حالة سابقة لها، ودفعوها لتنمو إلى مراحل عصبية مبكرة تدعى (الخلايا السلفية) ، وهذه الخلايا السلفية تشبه تماماً الخلايا الموجودة في دماغ الأجنّة.
قام الباحثون بفحص الخلايا السلفية بطريقتين، الطريقة الأولى كانت عن طريق مراقبة حركة الخلايا وتفاعلها عند وضعها على أسطح معينة، والطريقة الثانية كانت عن طريق مراقبة ضغط الخلية من خلال تصوير الميتوكوندريون (وهي عضيات صغيرة تولد الطاقة للخلايا)، وفي كلا البحثين كانت الخلايا السلفية المأخوذة من مرضى الفصام تختلف بشكل جذري عن الخلايا السلفية المأخوذة من أشخاص طبيعيين، حيث أظهرت خلايا الانفصام نشاط غير طبيعي في نوعين من البروتينات، أولها البروتينات المسؤولة عن الربط والاتصال، وثانيها البروتينات المسؤولة عن التأكسد (الاجهاد التأكسدي)، وتم التوصل بالنتيجة إلى أن مرضى الفصام يعانون من هجرة شاذة للخلايا العصبية، وهذا ما قد ينتج عنه ضعف الاتصال مع الدماغ في المراحل المتقدمة من مرض الفصام، فضلاً عن ارتفاع مستويات الأكسدة.
النتائج التي تم التوصل إليها في هذه الدراسة، تدعم النظرية المعمول بها حالياً بخصوص مرضى الفصام، والتي ترجع هذا المرض إلى الأحداث التي تمر بها الأم خلال فترة الحمل ، وذلك على الرغم من أن أعراض الفصام لا تظهر عادة حتى سن البلوغ، فعلى سبيل المثال، تشير البحوث السابقة إلى أن الأم الحامل التي تعاني من العدوى، أو من سوء التغذية، أومن ضغط نفسي شديد، لديها حظوظ أكبر من غيرها بولادة أطفال يعانون من مرض انفصام الشخصية.
الجدير بالذكر أخيراً، بأن الدراسة توصلت إلى أن استعمال أدوية مضادات الذهان مثل (الكلوزابين واللوكسابين)، لم تحسّن من حالة هجرة الخلايا العصبية الشاذة، بل إن اللوكسابين جعل حالة الخلايا أسوء، ورغم أن هذا الاكتشاف جاء متأخراً، إلا أن الواقع يقول بأننا فعلاً نستخدم أدوية تعالج أعراض المرض وهي غير مفيدة في معالجة المرض بحد ذاته.