ننفق حوالي ست سنوات من حياتنا في الأحلام أي ما يعادل 2190 يوما أو 52560 ساعة، ورغم أننا قد نتبين بوضوح التصورات والعواطف التي نعيشها خلال الحلم إلا أننا لا ندركها بنفس الطريقة بعد الاستيقاظ، وهذا ما يفسر لماذا لا نستطيع أن ندرك أننا في المنام، وغالبا ما نخلط بين ما نراه في الأحلام وبين الواقع، ولكن بعض الناس لديهم القدرة على تجربة الوعي أثناء أحلامهم من خلال “re-awakening” حيث يمكنهم السيطرة والتصرف في عالم الأحلام.
ولايزال ما يطلق عليه العلماء “الحلم الواضح” موضوع دراسة، ولكن التطورات الحديثة تشير إلى أنه مزيج هجين من وعي الاستيقاظ والنوم، وهو واحد من التجارب الشاذة التي يمكن أن تحدث أثناء النوم، والتي تشمل شلل النوم حيث يستيقظ النائم وهو في حالة رعب وشلل يمنعه من الحركة أو الصراخ، لكنه في نفس الوقت يعي ما حوله، وهناك أيضا الاستيقاظ الكاذب، حيث أنك قد تعتقد أنك قد استيقظت لتكتشف أنك في الواقع كنت تحلم.
إضافة إلى الأحلام الواضحة، تعكس كل هذه التجارب زيادة في الوعي الشخصي أثناء النوم، ومن خلال دراسة أجراها الباحثون تبين أن غالبية الناس شاهدوا حلما واضحا على الأقل في حياتهم، وعادة ما يرتبط هذا الحلم بأشياء يتطلعون إليها، حيث أن هذه الأحلام تتيح لهم إمكانية محاكاة السيناريوهات التي يرجونها مثل لقاء شخص أو تحقيق إنجازا معينا.
كما وجدت دراسة حديثة طلبت من المشاركين تقديم تقرير مفصل عن حلمهم الأحدث الواضح، أن هذه الأحلام تميزت بالفعل باحتوائها على الكثير من التبصر رغم حقيقة أن النائم كان في المنام، وقال المشاركون الذين عانوا من الأحلام الواضحة أيضا أن لديهم سيطرة أكبر على الأفكار والإجراءات داخل الحلم، أي أن لديهم القدرة على التفكير المنطقي، كما أن لديهم قدرة كبيرة على تذكر الكثير من الأحداث في حياتهم.
ووجدت دراسة أخرى تبحث في قدرة الناس على اتخاذ قرارات واعية في حياتهم، وكذلك خلال الأحلام الواضحة وغير الواضحة على أن درجة التداخل بين القدرات الإرادية كبيرة سواء عند الاستيقاظ أو الأحلام الواضحة،ولكن القدرة على التخطيط أسوأ بكثير في الأحلام الواضحة بالمقارنة مع اليقظة.
الأحلام الواضحة وغير الواضحة بالتأكيد تختلف بشكل كبير مما يدل أنها ترتبط مع أنماط مختلفة من نشاط الدماغ، كما وجدت الدراسات أن التحول من الحلم غير واضح إلى الحلم الواضح دورة REM كاملة يرتبط مع زيادة نشاط المناطق الجبهية من الدماغ إلى حد كبير، وترتبط هذه المناطق مع جل الوظائف الإدراكية مثل التفكير المنطقي والسلوك الإرادي الذي عادة ما يلاحظ فقط خلال حالات اليقظة.
دراسة أخرى حددت بدقة أكثر مناطق الدماغ التي تشارك في الأحلام الواضحة، ووجدت زيادة النشاط في مناطق مثل القشرة قبل الجبهية والطلل، وترتبط هذه المناطق في الدماغ مع القدرات العقلية العليا مثل تجهيز مرجعية الذات والشعور بالقوة مما يدعم الرأي القائل بأن الحلم الواضح هو حالة هجينة من الوعي.
كيفية نشأة الوعي في الدماغ هي واحدة من أكثر الأسئلة المحيرة في علم الأعصاب، ولكن دراسة الأحلام الواضحة يمكن أن تمهد الطريق لرؤى جديدة في علم الأعصاب.