هل تتخيل أن يأتي اليوم الذي تقرأ فيه على شتلة الخس “صنع في المريخ”؟
حين يتوارد في الأخبار أن أول كائن حي قد حط أخيراً بعد طول انتظار على الكوكب الأحمر، المريخ، سوف يخطر ببالك فوراً صورة لرائد فضاء أو رائدة فضاء، لكن، هل تتخيل أنها لبذرة خس؟
هل تعتقد أنه جنون؟ الطلبة الباحثون في جامعة ساوثامبتون المهتمين بالفضاء لا يعتقدون ذلك.
ففي يوم من الأيام ربما نسكن المريخ فعلاً، وعندها، هل سنعتمد في كل احتياجاتنا على الاستيراد من الأرض؟ تخيل أننا حينذاك سوف نستورد الغذاء والماء والهواء وكل احتياجات الحياة، سوف يكون هذا باهظ الثمن!
تكوين مستعمرة على المريخ بهذا الشكل، يجعلها تجربة ناقصة وغير كاملة واتكالية، أما المستعمرة الناجحة فعلاً فهي التي ستكون قادرة على توفير احتياجات أهلها بتحقيق اكتفاء ذاتي.
التجربة أطلقها فريق من الطلبة المتخرجين وطلبة لم يتخرجوا بعد لأجل مسابقة تختص بالمريخ، وأطلقوا الهاشتاج #LettuceOnMars، والذي يعني “خس على المريخ”، وتتألف هذه التجربة من صوبات زراعة قادرة على إنماء الخس معتمدة على جو المريخ وأشعة الشمس التي تسقط عليه، وتتكون هذه الصوبة من الألومنيوم الذي يستخدم في صناعة الطائرات، وقبة من البولي كربونات وهي على شكل قبة كي تمنع تجمع الغبار حين تحدث العواصف على سطح المريخ، كما أنها تحمي النبات من الأشعة فوق البنفسجية التي تأتي من الشمس، وهي تعمل كدرع يفصل الداخل عن الخارج، وفوق ذلك فإن هناك مضخات تعتمد على بخار الماء وغاز الأوكسجين كي ترفع الضغط داخل الصوبة، حيث أن ضغط المريخ أقل، ويوجد لدينا فلاتر لتبعد الغبار، وسخان، وإمدادات من الماء والتغذية وكيماويات لتوازن حمضية أو قلوية النبات، والشئ الإضافي هو مصابيح الليد، فالضوء الواصل إلى المريخ يساوي نصف ما يصل إلى الأرض، ومصابيح الليد هذه ستعوض النبات عن نقص الضوء.
لكن، لماذا الخس بالذات؟
الخس قابل للاستخدام في التجارب العاجلة، كما أنه قد نقل إلى الفضاء بالفعل قبل ذلك عدة مرات، وفوق ذلك، هو قابل للأكل، وينمو أسرع من البذور الصلبة.
وسوف تهبط الرحلة ببذور الخس المجمدة إذا كتب لها التنفيذ يوماً بين خطي العرض 40-50 على المريخ، حيث توجد قيعان البحار السابقة على المريخ، وهي أفضل مكان لتكوين مستعمرة على المريخ لأن ضغطها أعلى من مرتفعات المريخ منخفضة الضغط.
بعد ذلك سوف يتم تسخين الصوبة الزراعية بالسخانات إلى 21 درجة وإلى 24 درجة، ثم يتم رفع الضغط بداخلها بواسطة المضخات، وسوف يتم الإبقاء على حياة النبات بواسطة ضوء مصابيح الليد، والشيء المفاجئ لك أنه بعد أن تنتهي التجربة، سوف نرفع درجة التسخين لتصبح حارقة لنحرق النبات الذي قطعنا كل هذه الرحلة الطويلة للحصول عليه!
ولماذا؟
لأن العلماء يخشون تسرب الكائنات الدقيقة من الصوبة الزراعية وتلويث بيئة المريخ الأصيلة وإعطائنا نتائج كاذبة حين نختبرها في المستقبل.