تمكن العلماء فى جامعة غوتنغن من التوصل الى إنشاء نوع جديد من الجليد المصنوع فى المختبر، أطلقوا عليه اسم الجليد السادس عشر ،وهو يتكون من جزيئات ماء مجمدة فى نسيج صغير جدا وغاية فى التعقيد .
العلماء فى الواقع لم يقوموا بخلق شئ لم يكن موجودا في السابق ،أى أنهم لم يقوموا بتجميع ذلك الشكل المعقد من الجليد ذرة بعد ذرة ،حيث أن هذا الهيكل كان موجودا بالفعل، ولكن المشكلة التى أعاقت اكتشافه طوال هذا الوقت، أن هذا الهيكل كان ملفوفا حول ذرات أخرى فى تكوين هش للغاية ،الأمر الذى أعاق محاولات تفكيك هذا التكوين وتحليله.
فالماء مشتركا مع مجموعة ذراته المختلفة ،يكون ما يعرف بالمشبكة “المركبات المشبكة” ،والمركبات المشبكة هى مركبات لها شكل شبكى أو لها تركيب بنية بلورية .
أحد التركيبات التى يشكلها الماء ،ما يعرف باسم هيدرات الغاز ،أو الكلاثريتات ،وهى تشبه الثلج ،وتتكون من جزيئات غاز محبوسة داخل أقفاص من الروابط الهيدروجينية لجزيئات الماء . فيكون الجزئ المستقبل هو الماء (المضيف) ،والجزئ الضيف هو الغاز.
هذا الغاز يمكن أن يكون اى شيئ ،من غاز الميثان الى غاز ثانى أكسيد الكربون ،ولكن حاول أن تفصل تلك البنية عن بعضها لتستطيع دراسة ذلك القفص من الماء لوحده ،عندها ستنهار تلك المشبكة بالكامل وسيتشكل اما بلورات أو ماء سائل.
لفصل تلك التركيبة ،قام العلماء باستخدام تكنولوجيا بسيطة للغاية ،حيث استخدموا مضخة فراغية ،فى درجة حرارة منخفضة جدا ،كل هذا يبدو سهلا وغير مبتكرا ،الا أن الخطوة الأذكى كانت فى اختيارهم لجزيئات الضيف.
ذرات النيون .. تلك الذرات الصغيرة نسبيا والتى تتميز بأنها ذرات طليقة ،وبالتالى عند تعريضها للمضخة الفراغية ،تمكن العلماء من سحبها واخراجها ببطء من القفص ،بدون احداث أى ضرر فى الهيكل.
عندها فالذى يتبقى عندنا ،هو مشبكة ولكن بدون ضيف ،أى القفص المكون من الروابط الهيدروجينية لجزيئات الماء ولكن بدون الغاز ،ما يطلق عليه :الجليد السادس عشر .
لكن كيف يمكن لهذا النوع من الجليد أن يكون مفيدا ؟ حسنا هذا يتوقف على كيفية الاستفادة من هذا الاكتشاف ،حيث أن العلماء يمكن أن يستخدموا هذا الهيكل لدراسة التفاصيل الدقيقة لبنية هيدرات الغاز .
الأمر الذى سيساعدهم حتما فيما يتعلق بالغاز الطبيعى ،والذى يأتى فى الكثير من الأحيان على تلك الصورة المشبكة ،مما يتسبب فى جعل أنابيب التشغيل بطيئة ،كما يجعل من استخراج الطاقة ،أمرا غير فعال بشكل كامل .
البحث أيضا قد يمكننا من تجميع الغاز من أعماق المحيطات ،تخيل أن تكون قادرا على استبدال غاز الميثان الموجود فى تلك المشبكة مع غاز ثانى أكسيد الكربون وتركه فى المحيط ،الأمر الذى قد يعنى وجود احتمال استخراج كميات ضخمة من غاز الميثان وتحويله الى وقود مفيد واستبداله بغاز ثانى أكسيد الكربون .
بمعنى آخر ،قد نصبح قادرين على ضخ غاز ثانى أكسيد الكربون الى أعماق لمحيطات واستبداله بغاز الميثان !
كل هذا بالطبع ما يزال افكار قيد الدراسة ،لن يتم البدء فى محاولة القيام بها لا بعد فهم ذلك الشكل الغريب والمعقد من الجليد ، لكنها بالطبع تظل مغامرة مثيرة تستحق الاستكشاف .