من السهل أن نغفل عن الظروف التي تؤثر في الطريقة التي نعيش بها حياتنا، كما أنه يصبح من الصعب اكتشافها بمجرد أن تتلاشى وتصبح جزءاً من خلفية حياتنا، ولكن مؤلفي الدراسة الجديدة التي تم نشرها في مجلة (the American Journal Of Preventative Medicine) يدعون بأنهم استطاعوا فعل هذا، فمن خلال تفحص تفاصيل السجلات التي تعود لأكثر من 1800 شخص من السكان الذين يعيشون في دالاس وتكساس، يعتقد الباحثون أنهم قد عثروا على رابط قوي بين معدل وزن الشخص والمكان الذي يعيش فيه، حيث أنهم أشاروا إلى أن الأشخاص الذين انتقلوا إلى حي فقير اكتسبوا وزناً أكبر من أولئك الذين بقوا في أماكنهم أو انتقلوا إلى حي أفضل أو ما شابه ذلك.
استخدم الباحثون بيانات من دراسة دالاس للقلب (DHS)، وهي عبارة عن تحليلات قائمة على سكان متعددي الأعراق تحاول تحديد عوامل الخطر البيولوجية التي قد تقف وراء الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية من خلال إجراء مقابلات دورية وتسجيل المعلومات عن المشاركين في الدراسة، ولهذا فقد سمحت هذه الدراسة للباحثين بإلقاء نظرة متمعنة على بعض السكان وهم يكبرون، وبالأخص عبر فترتين زمنيتين تمتدان بين 2000 و2002، و2007 إلى 2009، ومن خلال ذلك هذه البيانات، لاحظ الباحثون أنه خلال سبع سنوات انتقل ما يقرب من نصف العينة إلى مكان آخر وكان ثلث الذين ذهبوا قد انتقلوا إلى أحياء أكثر فقراً، وهذه الظاهرة تعرف بوجود درجات أعلى على مؤشر حرمان الأحياء السكنية أو اختصاراً (NDI)، ومن العوامل التي تؤثر على ارتفاع مؤشر الـ(NDI) هي نسبة البطالة، ووجود الأسر التي تحتاج إلى المساعدة العامة، ونسبة الأشخاص الذين يمتلكون سيارة داخل الحي.
بعد ضبط المتغيرات مثل العمر، والدخل، والنشاط البدني، وجد الباحثون علاقة وثيقة بين زيادة الوزن وازدياد مؤشر (NDI)، فمع كل زيادة بمعدل نقطة واحدة في المؤشر كان هناك زيادة بمعدل رطل ونصف في الوزن، والجدير بالذكر بأن تأثير الحي كان تراكمياً، حيث أن تأثير الـ(NDI) على زيادة الوزن بالنسبة للأشخاص الذين انتقلوا إلى أحياء تعاني من معدل حرمان مرتفع، كان يتغير بازدياد مدة إقامة الشخص في الحي، ولكن تبعاً للباحثين فإن تأثير زيادة الوزن لم يكن ملحوظاً بشكل كبير إلّا بعد مرور أربع سنوات من الانتقال إلى حي يعاني من معدلات حرمان مرتفعة.
في حين أنه كان من المعروف سابقاً أن نوعية الحي يمكن أن تعطي دلائل عامة عن نوعية صحة السكان، بما في ذلك الوزن، فقد أشار الباحثون بأن دراستهم هي من بين عدد قليل من الدراسات التي ألقت نظرة متمعنة وواقعية على العلاقة بين الوزن وسوء البيئة المنزلية، وأول دراسة على الإطلاق تجد أن هناك تأثير معين ينتج عن طول الإقامة في مثل هذه البيئات.
من دون القدرة على مراقبة التغيرات في النظام الغذائي مع مرور الوقت، لم يتمكن المؤلفون سوى من أخذ بعض التخمينات التي يمكن أن تفسر الأسباب التي تقف خلف نتائجهم، حيث أنهم أشاروا إلى أن الأبحاث السابقة وجدت بأن أولئك الذين يعيشون في المناطق الفقيرة عادة ما تكون لديهم مستويات متزايدة من التوتر، وذلك إلى جانب عدم القدرة على شراء الفواكه والخضروات، وهذان العاملان يرتبطان بزيادة الوزن، ولكن إجراء المزيد من البحوث عن نشاطات الأحياء التي تمر بنمو سريع أو بانخفاض سريع قد يوفر مزيد من التوضيحات حول الأسباب التي تقف وراء هذه النتائج.
في النهاية، يأمل الباحثون أن تستطيع أبحاثهم تسليط الضوء على معاناة الأحياء الفقيرة ومكافحة الفوارق التي توجد بين الأحياء بشكل أفضل، فمن خلال الانتباه لتلك الظروف فور حدوثها، قد يكون بالإمكان توفير حياة أفضل للجميع، أغنياء كانوا أم فقراء.