قام فريق من الباحثين من جامعة كاليفورنيا، وجامعة كولومبيا وغيرها من المؤسسات بالوصول إلى سبق علمي جديد يمكن أن يؤدي إلى إيجاد طريقة أكثر فعالية ودقة لنقل المعلومات في رقائق الكمبيوتر، بالإضافة إلى أنواع جديدة من المواد البصرية الباعثة للضوء وأشعة الليزر.
تمكن الباحثون من السيطرة على الضوء في الأطوال الصغيرة أي عند حوالي 500 نانومتر – أصغر من الطول الموجي للضوء نفسه – باستخدام هياكل بلورية متشابكة عشوائياً لإيقاف حيود الضوء، وهذا الاكتشاف يمكن أن يؤدي إلى بدأ مرحلة جديدة في تسديد شعاع الليزر – وهو العلم الذي يدرس إمكانية إبقاء شعاع الليزر دقيقاً وضيقاً بأكبر قدر ممكن بدلاً من أن يكون منتشراً في كل مكان.
لتوضيح الفكرة بشكل أفضل، تخيلوا أن هناك شخص يقوم بتسليط ضوء مصباح على الحائط، عندما ينطلق الضوء من المصباح اليدوي نحو الجدار، فإنه سينتشر خارج حدوده الأساسية، وهذه الظاهرة تسمى بالحيود، وكلما ازداد بُعد مصدر الضوء عن الجدار، زاد معه حيود الأشعة قبل أن تصل إلى الجدار، وهذه الظاهرة يمكن أن تحدث أيضاً على نطاق ضيق بحيث يتم قياس المسافات بالنانومتر – وهي وحدة متساوية إلى واحد من المليار من المتر- فعلى سبيل المثال، يمكن للضوء أن يستخدم لنقل المعلومات في رقائق الكمبيوتر والألياف البصرية، ولكن عندما يحدث الحيود، لا يعود بالإمكان نقل البيانات بصورة واضحة أو دقيقة كما يجب.
إن الوصول لإيجاد تكنولوجيا تمنع الحيود وتوفر دقة أكبر للتحكم في الضوء المستخدم لنقل البيانات، يمكن أن تؤدي إلى إحداث تقدم كبير في مجال الاتصالات البصرية، وهذا يساعد عملية معالجة الإشارات الضوئية من التغلب على القيود المادية في مجال الالكترونيات الحالية، كما يمكن أن يساهم هذا الاختراع المهندسين على إيجاد ألياف بصرية محسنة يمكن استخدامها في الطب الحيوي.
للسيطرة على الضوء على المقياس النانوي، استخدم الباحثون شبكة فائقة من البلورات الفوتونية، وهي عبارة عن بنية شبكية ذات نمط غير منتظم مصنوعة من البلورات التي تسمح للضوء بالمرور من خلالها، وتحتوي هذه الشبكة على آلاف الثقوب النانوية من الأشكال السباعية والمربعة والثلاثية، وهذه الثقوب التي يكون حجم كل منها أصغر من الطول الموجي للضوء المار من خلال الهيكل، حيث تعمل هذه الثقوب بمثابة علامات إرشادية لشعاع الضوء.
كان المهندسون يعرفون مسبقاً بأن الثقوب ذات النمط الموحد يمكن أن تسيطر على الحيود المكاني للضوء إلى حد ما، ولكن الباحثين وجدوا من خلال الدراسة الجديدة أن الهياكل التي تحتوي على أنماط غير منتظمة من الثقوب كانت أكثر قدرة على الامسك وإعادة تسديد الشعاع بشكل دقيق ضمن المسارات الضيقة، وإن هذا النوع من الهياكل يكون فعالاً على جزء واسع من طيف الأشعة تحت الحمراء.
تم طرح مبدأ تأثير عدم الانتظام، أو المعروف باسم تمركز أندرسون (Anderson localization)، لأول مرة في عام 1958 من قبل (فيليب أندرسون) وهو فيزيائي حائز على جائزة نوبل، وهي ظاهرة فيزيائية التي تفسّر تصرف الإلكترونات والموجات في فيزياء المادة المكثفة.
يشير الباحث الرئيسي للدراسة (تشي وي وونغ)، أن هذا البحث سمح للباحثين بالتحقق من صحة نظرية تمركز اندرسون للضوئيات على نطاق الرقاقات، من خلال هندسة عشوائية للبنية الدورية، ومن خلال هذا البحث استطاع الباحثون توفير طريقة جديدة للسيطرة على انتشار الضوء في نطاق الطول الموجي، باستخدام بنية ذات إنشاء عشوائي.
تبعاً للباحثين القائمين على هذه الدراسة، فإن نتائجها كانت غير متوقعة، وذلك لأنه عادةً ما يتوقع المرء أن إحداث الاضطرابات في الهياكل من شأنه أن يؤدي إلى حيود الضوء بشكل أكبر، إلا أن الواقع أظهر بوضوح أن السيطرة على اضطرابات الهيكل يمكنه إيقاف النقل العرضي للضوء، وبالتالي يحد من انتشار وحيود الضوء بشكل كبير.