هذه الذكريات لم تضع تماماً، إن أعدنا تكوين الوصلات التي خرّبت فإنها سوف تعود، وكان هذا الاكتشاف بسبب الحلزون، هذا الحيوان الرخوي، وهو أمل جديد لمرضى الزهايمر الذين لا يزالون في المراحل المبكرة.
الزهايمر يدمر التشابكات بين الخلايا العصبية في البداية، ولطالما كان علماء الأعصاب يعتقدون أن الذاكرة تخزن في هذا المكان بالضبط، في الوصلات بين الخلايا المتشابكات، ما جعلهم يعتقدون أن هذا الفقد نهائي، لكن هذه النظرية كانت خاطئة بحسب الدراسة على الحلزون.
وصل الفريق لهذه النتائج بأن عرضوا ذيل الحلزون لصدمات كهربية خفيفة متتابعة، فطور الحلزون وضعاً دفاعياً بقي فيه لعدة أيام كي يحمي نفسه، أي أنه بقي متذكراً للصدمة التي آلمته، وهذه المدة هي مدة ذاكرته طويلة المدى.
وجد العلماء أن ذلك يحدث بإفراز هرمون السيروتونين الذي يبدأ تكوين تشابكات عصبية جديدة لتكوين الذاكرة طويلة المدى، وبعد ذلك يفرز المخ بروتيناً آخر يكون به تشابكات جديدة أخرى تعمل على حفظ وإمساك هذه الذاكرة فيه، الأمر يشبه الكمبيوتر، أن تقوم بتسجيل ما حدث في ملف مكتوب هذا يستلزم السيروتونين، أن تضغط زر حفظ الملف هذا ما يقوم به البروتين.
لهذا قام العلماء بتجربتين، قاموا بتعطيل البروتين مرتين، بعد تكوين ذاكرة الحلزون، عندما عطلوا البروتين بشكل فوري بعد تدريبه، لم يتذكر شيئاً عن التجربة التي مر بها، هذا يشبه أن تكتب ملفاً على الكمبيوتر ولا تضغط زر الحفظ، ولهذا فعندما يحدث حادث فيه صدمة للرأس، يواجهنا أشخاص لا يذكرون آخر لحظات قبل الحادث، وذلك لأن الصدمة عطلت إنتاج البروتين الذي يقوم بالحفظ.
أما إن عطلنا البروتين بعد مرور 24 ساعة، أي بعد حفظها لأول مرة، فإننا نجد أن الحلزون لا يزال يذكر إذا أعدنا البروتين مرة أخرى وعادت الوصلات العصبية تعود الذاكرة، وبصيغة أخرى، فهذا يعني أنه بمجرد ضغطك على زر حفظ للملف، فإنه يتم حفظه، ولو تعطلت وصلات الكمبيوتر وأصلحتها ثانية، فإنك لا تزال تستطيع الوصول إليه، لأن الذاكرة على القرص الصلب وليس في كابلات الكمبيوتر، وهذه هي النظرية التي مثلت منعطفاً في فهم الزهايمر، فلو كانت محفوظة في التشابكات لكانت الذكريات قد اختفت باختفاء البروتين الذي يخلقها ولم تعد، لكنها لم تختفِ، وبعودة البروتين عادت التشابكات، وعادت الذاكرة التي ظن العلماء أنها لن تعود ثانية، إذن هو ليس في التشابكات، إنما يتم حفظه في نواة وأجسام الخلايا العصبية نفسها وليس تشابكاتها، وطالما بقيت الخلايا العصبية حية، بقيت الذكرى حية.
وهذا هو الشيء الذي يصنع التغيير في تعاملنا مع الزهايمر الذي يدمر التشابكات، فهذا يعني أنه يدمر الذاكرة بشكل مؤقت فقط وأننا إذا أعدنا تكوينها فإن الذاكرة سوف تعود.
لكن، هذا يسري على زهايمر المراحل الباكرة فقط، إذ أن زهايمر المراحل المتأخرة يقتل الخلايا نفسها، ما يشبه تدمير القرص الصلب نفسه، وليس مجرد إتلاف الكابلات، وبالتالي يفوت أوان إنقاذ الذكريات.